ويسمَّى الخمار ( النصيف ).
قال الشاعر :

سقط النصيف ولم ترد إسقاطه فتناولته واتقتنا باليد
ويجمع الخمار على ( خُمُر ) جمع كثرة مثل : كتاب، وكُتُب قال الشاعر :
« كرؤوس قطعت فيها الخُمُر » ويجمع على أخمرة جمع قلة أفاده ( أبو حيان ).
﴿ جُيُوبِهِنَّ ﴾ : يعني النحور والصدور، فالمراد بضرب النساء بخمرهن على جيوبهن أن يغطين رؤوسهنَّ وأعناقهنَّ وصدورهن بكل ما فيها من زينة وحلي. والجيوب جمع ( جيب ) وهو الصدر وأصله الفتحة التي تكون في طوق القميص، قال القرطبي : والجيب هو موضع القطع من الدرع والقميص وهو من ( الجَوْب ) بمعنى القطع وقد ترجم البخاري رحمه الله ( باب جيب القميص من عند الصدر وغيره ).
قال الألوسي : وأما إطلاق الجيب على ما يكون في الجنب لوضع الدراهم ونحوها كما هو الشائع بيننا اليوم فليس من كلام العرب كما ذكره ( ابن تيمية ) ولكنه ليس بخطأ بحسب المعنى، والمراد بالآية كما رواه ( ابن أبي حاتم ) : أمرهن الله بستر نحورهن وصدورهن بخمرهن لئلا يرى منها شيء.
﴿ بُعُولَتِهِنَّ ﴾ : قال ابن عباس : لا يضعن الجلباب والخمار إلا لأزواجهن.
والبعولة جمع بعل بمعنى الزوج، قال تعالى :﴿ وهذا بَعْلِي شَيْخاً ﴾ [ هود : ٧٢ ]. وفي القرطبي : البعل هو الزوج والسيد في كلام العرب، ومنه قول النبي ﷺ في حديث جبريل :« إذا ولدت الأمة بعلها » يعني سيدها إشارة إلى كثرة السراري بكثرة الفتوحات.
﴿ مَلَكَتْ أيمانهن ﴾ : يعني الإماء والجواري، وقال بعضهم المراد : العبيد والإماء ذكوراً وإناثاً وروي عن ( سعيد بن المسيب ) أنه قال : لا تغرنكم هذه الآية ﴿ أَوْ مَا مَلَكَتْ أيمانهن ﴾ إنما عنى بها ( الإماء ) ولم يعن بها ( العبيد ) وهو الصحيح.
﴿ الإربة ﴾ : الحاجة، والأرَبُ، والإرْبةُ والإربُ ومعناه الحاجة والجمع مآرب قال تعالى :﴿ وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أخرى ﴾ [ طه : ١٨ ] وقال طرفة :
إذا المرء قال الجهل والحوب والخنا تقدَّم يوماً ثمَّ ضاعت مآربه
والمراد بقوله تعالى :﴿ غَيْرِ أُوْلِي الإربة مِنَ الرجال ﴾ أي غير أولي الميل والشهوة أو الحاجة إلى النساء كالبُلْه والحمقى والمغفلين الذين لا يدركون من أمور الجنس شيئاً.
﴿ الطفل ﴾ : الصغير الذي لم يبلغ الحلم قال الشاعر :
والنفس كالطفل إن تهمله شب على حب الرضاع وإن تفطمه ينفطهم
قال الراغب : كلمة طفل تقع على الجمع كما تقع على المفرد كما تقع على المفرد فهي مثل كلمة ( ضيف ) والدليل أن المراد به الجمع ﴿ أَوِ الطفل الذين لَمْ يَظْهَرُواْ ﴾ حيث جاء بواو الجماعة.
﴿ لَمْ يَظْهَرُواْ ﴾ : أي لم يطَّلعوا يقال : ظهر على الشيء أي اطَّلع عليه ومنه قوله تعالى :﴿ إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ ﴾ [ الكهف : ٢٠ ] ومعنى الآية أن الأطفال الذين لا يعرفون الشهوة ولا يدركون معاني الجنس لصغرهم لا حرج من إبداء الزينة أمامهم.
المعنى الإجمالي
قل يا محمد لأتباعك المؤمنين يغضوا من أبصارهم، ويكفوها عن النظر إلى الأجنبيات من غير المحارم، ولا ينظروا إلا إلى ما أبيح لهم النظر إليه، وأن يحفظوا فروجهم عن الزنى ويستروا عوراتهم حتى لا يراها أحد، فإن ذلك أطهر لقلوبهم من دنس الريبة، وأنقى لها وأحفظ من الوقوع في الفجور، فالنظرة تزرع في القلب الشهوة، ورب شهوة أورثت حزناً طويلاً، فإن وقع البصر على شيء من المحرمات من غير قصد، فليصرفوا أبصارهم عنه سريعاً ولا يديموا النظر، ولا يرددوه إلى النساء، ولا ينظروا بملء أعينهم فإن الله رقيب عليهم مطلع على أعمالهم، لا تخفى عليه خافية


الصفحة التالية
Icon