« ما من مسلم ينظر إلى محاسن امرأة ثم يغض بصره إلا أخلف الله له عبادة يجد حلاوتها ». وعدَّه ﷺ من حقوق الطريق ففي حديث أبي سعيد الخدري أن النبي ﷺ قال :« إياكم والجلوس على الطرقات. فقالوا يا رسول الله : ما لنا من مجالسنا بدٌّ نتحدث فيها، قال : غضُّ البصر، وكف الأذى ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ».
الحكم الثاني : ما هو حد العورة بالنسبة للرجل والمرأة؟
أشارة الآية الكريمة ﴿ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ﴾ إلى وجوب ستر العورة فإن حفظ الفرج كما يشمل حفظه عن الزنى، يشمل ستره عن النظر، يشمل ستره عن النظر، كما بيناه فيما سبق وقد اتفق الفقهاء على حرمة كشف العورة ولكنهم اختلفوا في حدودها وسنوضح ذلك بالتفصيل إن شاء الله مع أدلة كل فريق فنقول ومن الله نستمد العون :
١- عورة الرجل مع الرجل.
٢- عورة المرأة مع المرأة.
٣- عورة الرجل مع المرأة وبالعكس.
أما عورة الرجل مع الرجل : فهي من ( السرة إلى الركبة ) فلا يحل للرجل أن ينظر إلى عورة الرجل فيما بين السرة والركبة وما عدا ذلك فيجوز له النظر إليه. وقد قال النبي « لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا تنظر المرأة إلى عورة المرأة ». وجمهور الفقهاء على أن عورة الرجل ما بين السرة إلى الركبة كما صحّ في الأحاديث الكثيرة، وقال مالك رحمه الله : الفخذ ليس بعورة : ومما يدل لقول الجمهور ما روي عن ( جرهد الأسلمي ) وهو من أصحاب الصفة أنه قال :« جلس رسول الله ﷺ عندنا وفخذي منكشفة فقال : أما علمت أن الفخذ عورة ».
وقال ﷺ لعلي رضي الله عنه :« لا تبرز فخذك » وفي رواية « لا تبرز فخذك ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت » بل إنه ﷺ نهى أن يتعرى المرء ويكشف عورته حتى إذا لم يكن معه غيره فقال :« إياكم والتعري فإن معكم من لا يفارقكم إلا عند الغائط وحين يُفْضي الرجل إلى أهله ».
وأما عورة المرأة مع المرأة : فهي كعورة الرجل مع الرجل أي من ( السرة إلى الركبة ) ويجوز النظر إلى ما سوى ذلك ما عدا المرأة الذمية أو الكافرة فلها حكم خاص سنبينه فيما بعد إن شاء الله تعالى.
وأما عورة الرجل بالنسبة للمرأة : ففيه تفصيل فإن كان من ( المحارم ) ك ( الأب والأخ والعم والخال ) فعورته من السرة إلى الركبة. وإن كان ( أجنبياً ) فكذلك عورته من السرة إلى الركبة. وقيل جميع بدن الرجل عورة فلا يجوز أن تنظر إليه المرأة وكما يحرم نظرة إليها يحرم نظرها إليه والأول أصح، وأما إذا كان ( زوجاً ) فليس هناك عورة مطلقاً لقوله تعالى :