﴿ مَن جَآءَ بالحسنة فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا ﴾ [ النمل : ٨٩ ] أي فله منها خير أي نفع وأجر «.
وقال أبو بكر الجصاص :»
( بخيرٍ منها ) في التسهيل والتيسير كما روي عن ابن عباس وقتادة، ولم يقل أحد من العلماء خير منها في التلاوة، إذ غير جائز أن يقال : إنّ بعض القرآن خير من بعض في معنى التلاوة والنظم، إذ جميعه معجز كلام الله «.
اللطيفة الرابعة : قوله تعالى :﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ ؟ الخطاب للنبي ﷺ والمراد أمته بدليل قوله تعالى :﴿ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ الله مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ ﴾ أو المراد هو وأمته وإنمّا أفرد عليه السلام لكونه إمامهم، وقدوتهم، كقوله تعالى :﴿ ياأيها النبي إِذَا طَلَّقْتُمُ النسآء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ﴾ [ الطلاق : ١ ] فتخاطب الأمة في شخص نبيّها الكريم باعتباره الإمام والقائد. ووضعُ الاسم الجليل موضع الضمير ( أنّ الله ) و ( من دون الله ) لتربية الروعة والمهابة في نفوس المؤمنين، والإشعار بأن شمول القدرة من مظاهر الألوهية والعظمة الربانية، وكذا الحال في قوله جل وعلا ﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الله لَهُ مُلْكُ السماوات والأرض ﴾.
قال العلامة أبو السعود : والمعنى : ألم تعلم أن الله له السلطان القاهر، والاستيلاء الباهر، المستلزمان للقدرة التامة على التصرف الكلي فيهما إيجاداً وإعداماً، وأمراً ونهياً، حسبما تقتضيه مشيئته، لا معارض لأمره، ولا معقّب لحكمه.
اللطيفة الخامسة : قوله تعالى :﴿ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ الله مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ ﴾ معنى ﴿ دُونِ الله ﴾ أي سوى الله كما قال أمية بن أبي الصلت :

يا نفسُ مالكِ دونَ اللهِ من واق وما على حدثان الدهر من باق
قال في » الفتوحات الإلهية « :» وقوله :﴿ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ ﴾ أتى بصيغة فعيل في ﴿ وَلِيٍّ ﴾ و ﴿ نَصِيرٍ ﴾ لأنها أبلغ من فاعل والفرقُ بين الولي والنصير، أن الوليّ قد يضعف عن النّصرة، والنصير قد يكون أجنبياً عن المنصور، فبينهما عموم وخصوص من وجه «.
اللطيفة السادسة : قوله تعالى :﴿ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ السبيل ﴾ السّواء : هو الوسط من كل شيء، وهو من إضافة الصفة إلى الموصوف، أي الطريق المستوي يعني المعتدل، ومعنى ( ضل ) أي أخطأ، وفي هذا التعبير نهاية التبكيت والتشنيع لمن ظهر له الحق فعدل عنه إلى الباطل، وأنه كمن كان على وضح الطريق فتاه فيه.
الأحكام الشرعية
الحكم الأول : هل النسخ جائز في الشرائع السماوية؟
قال الإمام الفخر : النسخ عندنا جائز عقلاً، واقع سمعاً، خلافاً لليهود، فإنّ منهم من أنكره عقلاً ومنهم من جوّزه عقلاً، لكنْ منع منه سمعاً، ويروى عن بعض المسلمين إنكار النسخ.


الصفحة التالية
Icon