ب- حديث علي « يا علي لا تُتْبع النظرةَ النظرةَ، فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة ».
ج- حديث الخثعمية الذي رواه ابن عباس رضي الله عنهما وفيه :( أن النبي ﷺ أردف الفضل بن العباس يوم النحر خلفه وكان رجلاً حسن الشعر أبيض وسيماً فجاءته امرأة من خثعم تستفيته فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه فجعل رسول الله ﷺ يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر... ) الحديث في حجة الوداع.
فجميع هذه النصوص تفيد حرمة النظر إلى الأجنبية، ولا شك أن الوجه مما لا يجوز النظر إليه فهو إذاً عورة.
د- واستدلوا بقوله تعالى :﴿ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فاسألوهن مِن وَرَآءِ حِجَابٍ ﴾ [ الأحزاب : ٥٣ ] فإن الآية صريحة في عدم جواز النظر. والآية وإن كانت قد نزلت في أزواج النبي ﷺ فإنَّ الحكم يتناول غيرهن بطريق القياس عليهن، والعلة هي أن المرأة كلها عورة.
وأما المعقول : فهو أن المرأة لا يجوز النظر إليها خشية الفتنة، والفتنةُ في الوجه تكون أعظم من الفتنة بالقدم والشعر والساق.
فإذا كانت حرمة النظر إلى الشعر والساق بالاتفاق فحرمة النظر إلى الوجه تكون من باب أولى باعتبار أنه أصل الجمال، ومصدر الفتنة، ومكمن الخطر وقد قال الشاعر :
كلُّ الحوادث مبداها من النظر | ومعظمُ النار من مستصغر الشرر |
فإذا كان هذا كلام ( أبي داود ) فيه ولم يروه غيره فكيف يصلح للاحتجاج وعلى فرض صحته فإنه يحتمل أنه كان قبل نزول آية الحجاب ثم نسخ بآية الحجاب، أو أنه منحمول ما إذا كان النظر إلأى لاوجه والكفين لعذر كالخاطب، والشاهد، والقاضي.
قال ابن الجوزي رحمه الله :( ويفيد هذا تحريم النظر إلى شيء من الأجنبيات لغير عذر، فإن كان لعذر مثل أ ن يريد أن يتزوجها أو يشهد عليها فإنه ينظر في الحالتين إلى وجهها خاصة، فأما النظر إليها لغير عذر فلا يجوز لا لشهوة ولا لغيرها، وسواءٌ في ذلك الوجه والكفان وغيرهما من البدن.
فإن قيل : فلم لا تبطل الصلاة بكشف وجهها؟ فالجواب : أن في تغطيته مشقة فعفى عنه.
أقول : الأئمة الذين قالوا بأن ( الوجه والكفين ) ليسا بعورة اشترطوا بألا يكون عليهما شيء من الزينة وألا يكون هناك فتنة أما ما يضعه النساء في زماننا من الأصباغ والمساحيق على وجوههن وأكفهن بقصد التجميل ويظهرن به أمام الرجال في الطرقات فلا شك في تحريمه عند جميع الأئمة، ثم إن قول بعضهم : أن الوجه والكفين ليسا بعورة ليس معناه أنه يجب كشفهما أو أنه سنة وسترهما بدعة فإن ذلك ما لا يقول به مسلم وإنما معناه أنه لا حرج في كشفهما عند الضرورة، وبشرط أمن الفتنة.