فنهى المرأة أن تضرب برجلها الأرض حتى لا يسمع صوت الخلخال فتتحرك الشهوة في قلوب بعض الرجال ﴿ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ﴾.
وقد استدل الأحناف بهذا النهي على أن صوت المرأة عورة فإذا منعت عن صوت الخلخال فإن المنع عن رفع صوتها أبلغ في النهي.
قال الجصاص في تفسيره :( وفي الآية دلالة على أن المرأة منهية عن رفع صوتها بالكلام بحيث يسمع ذلك الأجانب إذا كان صوتها أقرب إلى الفتنة من صوت خلخالها. ولذلك كره أصحابنا أذان النساء لأنه يحتاج فيه إلى رفع الصوت، والمرأةُ منهية عن ذلك، وهو يدل على حظر النظر إلى وجهها للشهوة إذا كان ذلك أقرب إلى الريبة وأولى بالفتنة ).. ونقل بعض الأحناف أن نغمة المرأة عورة واستدلوا بحديث ( التكبير للرجال والتصفيق للنساء ) فلا يحسن أن يسمعها الرجل.
وذهب الشافعية وغيرهم إلى أن صوت المرأة ليس بعورة لأن المرأة لها أن تبيع وتشتري وتُدْلي بشهادتها أمام الحكام، ولا بد في مثل هذه الأمور من رفع الصوت بالكلام.
قال الألوسي :( والمذكور في معتبرات كتب الشافعية - وإليه أميل - أن صوتهن ليس بعورة فلا يحرم سماعه إلا إن خشي منه فتنة ).
والظاهر أنه إاذ أمنت الفتنة لم يكن صوتهن عورة فإن نساء النبي ﷺ كُنَّ يروين الأخبار، ويحدِّثن الرجال، وفيهم الأجانب من غير نكير ولا تأثيم.
وذهب ابن كثير رحمه الله إلى أن المرأة منهية عن كل شيء يلفت النظر إليها، أو يحرك شهوة الرجال نحوها، ومن ذلك أنها تنهى عن التعطر والتطيب عند خروجها من بيتها فيشم الرجال طيبها لقوله عليه السلام « كل عين زانية، والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا » يعني زانية ومثل ذلك أن تحرك يديها لإظهار أساورها وحليها.
أقول : ينبغي على الرجال أن يمنعوا النساء من كل ما يؤدي إلى الفتنة والإغراء، كخروجهن بملابس ضيقة، أو ذات ألوان جذابة، ورفع أصواتهن وتعطرهن إذا خرجن للأسواق وتبخترهن في المشية وتكسرهن في الكلام وقد قال الله تعالى :﴿ فَلاَ تَخْضَعْنَ بالقول فَيَطْمَعَ الذي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ﴾ [ الأحزاب : ٣٢ ] وأمثال ذلك ممّا لا يتفق مع الآداب الإسلامية، ولا يليق بشهامة الرجل المسلم، فإن الفساد ما انتشر إلا بتهاون الرجال، والتحلل ما ظهر إلا بسبب فقدان ( الغيرة ) والحمية على العرض والشرف، والذي لا يغار على أهله لا يكون مسلماً وقد سماه الرسول ﷺ ديوثاً فقال :« ثلاثة لا يدخلون الجنة ولا يجدون ريحها : الرجلة من النساء ( أي المتشبهة بالرجال ) ومُدْمِنُ الخمر والديوث، قالوا : من هو الديوث يا رسول الله؟ قال الذي يُقِرُّ الخبث في أهله »


الصفحة التالية
Icon