ما ترشد إليه الآيات الكريمة
أولاً - رفع الحرج عن أهل الأعذار في ترك الجهاد أو في الأكل من بيوت الناس.
ثانياً - إباجة الأكل من بيوت الأقارب للمؤانسة والمباسطة التي تكون في العادة بينهم.
ثالثاً - حق الصداقة عظيم ولذلك رخّص الله في الأكل من بيت الصديق بغير إذنه.
رابعاً - جواز الشركة في الطعام والأكل مع بقية الشركاء مجتمعين أو متفرقين.
خامساً - ضرورة التقيد بآداب الإسلام ومنها السلام على أهل المنزل عند الدخول.
سادساً - تحية المسلم لأخيه المسلم شرعها الباري جلّ وعلا وهي بلفظ السلام عليكم ورحمة الله.
سابعاً - الأحكام التي شرعها الله لعباده المؤمنين فيها خيرهم وصلاحهم وسعادتهم في الدراين.
حكمة التشريع
حرّم الله تعالى الاعتداء على الناس وأكل أموالهم بالباطل، فلا يجوز لإنسان أن يأكل مال غيره إلاّ بإذنه، وبطيب نفسٍ منه كما قال ﷺ :« لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه » وقال ﷺ :« كلُّ المسلم على المسلم حرام : دمُه، ومالُه، وعرضُه ».
وقد أباح الباري جلّ وعلا للإنسان أن يأكل من بيت أقاربه بدون إذن، وهم الذين سمّاهم في كتابه العزيز وعدّد أصنافهم وهم ( الآباء، الأمهات، الإخوان، الأخوات، الأعمام، العمات، الأخوال، الخالات ) وذلك لما بين هؤلاء من صلة الرحم، ولأنه يستدعي المحبة والوداد والوئام، فإنَّ أكل الإنسان من بيت أقربائه، يقوّي أواصر القرابة، ويزيل الكُلْفة، ويدعو إلى المؤانسة والانبساط.
كما أباح الأكل من بيت الصديق بدون إذن أيضاً، لأن الصداقة بمنزلة القرابة؛ وحق الصديق على صديقه عظيم وكبير، وكم من صديق أنفع من أخٍ قريب. وقد قيل في الأمثال :« ربّ أخٍ لك لم تلده أمّك ».
ولهذا رخّص المولى جلّ ثناؤه بالأكل من بيوت الأصدقاء. وجعلهم في عداد الأقرباء، حتى تدوم الألفة، وتتمكن الصداقة والمودّة. وتتقوى روابط ( الأخوّة الدينيّة ) بين المسلمين، وذلك من أغراضالشريعة الإسلامية، وأهدافها الإنسانية السامية. وصدق الله :﴿ إِنَّمَا المؤمنون إِخْوَةٌ ﴾ [ الحجرات : ١٠ ].
وقد أمر سبحانه وتعالى عباده المؤمنين، عند دخولهم لبيوت الآخرين، أن يبدءوهم بالتحية والسلام. فذلك من الآداب الإجتماعية الرفيعة. التي دعا إليها الإسلام. وأمر بإشاعة السلام لأنه تحية المؤمن وشعار الإسلام. وهو طريق المحبة بين المؤمنين. الذي يربط بين أفراد الأمة الإسلامية. كما قال ﷺ :« والذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابّوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم ».
وقد كان أهل الجاهلية إذا لقي الرجل منهم صديقه أو أخاه. يقول له : أنعم صباحاً، أو أنعم مساءً. وأنعم الله بك عيناً إلخ. فجاء الإسلام بما هو خير وأزكى وأطهر. جاءهم بالتحية المباركة الطيبة، بلفظ كريم لطيف « السلام عليكم ورحمة الله » وهذه التحية شرعها الله لعباده كما قال تعالى :﴿ فَسَلِّمُواْ على أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ الله مباركة طَيِّبَةً ﴾ والسلام اسم من أسماء الله تعالى فلا يليق بالمسلم أن يدع هذه التحية إلى تحية الجاهلية. أو ما شابهها من ألفاظٍ مستحدثة كقولهم : احترماتي، تحياتي. صباح الخير، إلى غير ما هنالك من ألفاظ وعبارات ليس فيها ذلك المعنى اللطيف أو المغزى الدقيق الذي قصد إليه الإسلام، دين الإنسانية الخالد.


الصفحة التالية
Icon