اللطيفة الرابعة : قوله تعالى :﴿ فِي الدنيا ﴾ ذكرُ الدنيا في الآية الكريمة، فيه إشارة إلى ( تهوين ) أمر الصحبة، وتقليل مدتها لأنها في أيام قلائل، وشيكة الزوال والانقضاء، فلا يصعب على الإنسان تحمّلها.
ولقد أحسن من قال :

دقّاتُ قلبِ المرءِ قائلةٌ له إنّ الحياةَ دقائقٌ وثواني
اللطيفة الخامسة : قوله تعالى :﴿ واتبع سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ﴾ في الآية الكريمة إشارة إلى سلوك طريق الصالحين والاقتداء بالسلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين. وفسّره بعضهم بأن المراد بقوله تعالى :﴿ وَهْناً على وَهْنٍ ﴾ هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه أي أتّبع سبيله في الإيمان لأن إسلام ( سعد ) كان بسببه.
والصحيح كما قال الألوسي : أنها عامة تعمُ كل من اتصف بهذا الوصف.
وجوه القراءات
١- قوله تعالى :﴿ وَهْناً على وَهْنٍ ﴾ قراءة الجمهور بسكون الهاء، وقرأ الضحاك وعاصم ﴿ وَهْناً على وَهْنٍ ﴾ بفتح الهاء فيهما.
٢- قوله تعالى :﴿ وفصاله فِي عَامَيْنِ ﴾ قرأ النخعي والأعمش ﴿ وفَصَاله ﴾ بفتح الفاء، والجمهور بكسرها، وقرأ الحسن وأبو رجاء ﴿ وفَصْله ﴾ بفتح الفاء وسكون الصاد من غير ألف.
٣- قوله تعالى :﴿ يابني أَقِمِ الصلاة ﴾ [ لقمان : ١٧ ] قراءة الجمهور بفتح الياء على تقدير ﴿ يا بُنَيّا ﴾ والاجتزاء بالفتحة عن الألف، وقرأ البزي ﴿ يَا بْنِي ﴾ بالسكون، وقرأ بعضهم ﴿ يا بُنَيِّ ﴾ بكسر الياء مع التشديد.
وجوه الإعراب
١- قوله تعالى :﴿ وَإِذْ قَالَ لقمان ﴾ إذْ ظرف متعلق بفعل مقدر، وتقديره : إذكر إذ قال لقمان، و ( لقمان ) ممنوع من الصرف للتعريف والألف والنون الزائدتين كعثمان، وعمران، ويجوز أن يكون أعجمياً، فلا ينصرف للعجمة والتعريف.
٢- قوله تعالى :﴿ وَهُوَ يَعِظُهُ ﴾ وهناً : حال من الفاعل، والمعنى حملته أمُمه ذات وهن أو واهنة، وهذا اختيار أبي حيّان والزمخشري.
والمصدر يأتي ( حالاً ) بكثرة كما قال ابن مالك :
ومصدرٌ منكّرٌ حالاً يقع بكثرةٍ كبغتةً زيدٌ طلع
واختار ابن الأنباري أن يكون منصوباً بنزع الخافض وتقديره : حملته أمه بوهنٍ، فحذف حرف الجر فاتصل الفعل به فنصبه.
والأرجح الأول لعدم احتياجه للتأويل بخلاف الثاني.
٤- قوله تعالى :﴿ أَنِ اشكر للَّهِ ﴾ قال الزجّاج : هي في موضع نصب على حذف حرف الجر، وتقديره، بأن اشكر، وقيل ( أنْ ) مفسّرة بمعنى ( أيْ ) كقوله تعالى :﴿ وانطلق الملأ مِنْهُمْ أَنِ امشوا ﴾ [ ص : ٦ ] قال النحّاس : والأجود أن تكون مفسّرة.
٥- قوله تعالى :﴿ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدنيا مَعْرُوفاً ﴾ انتصب ( معروفاً ) على أنه صفة لمصدر محذوف تقديره : صحاباً معروفاً أو بنزع الخافض والتقدير : وصاحبهما بالمعروف.
الأحكام الشرعية
الحكم الأول : ما هي مدة الرضاع المحرِّم؟
استدل الفقهاء على أن مدة الرضاع الذي يتعلق به التحريم هو سنتان بهذه الآية الكريمة، وهي قوله تعالى :﴿ وفصاله فِي عَامَيْنِ ﴾ فإنّ المراد بالفصال الفطام فتكون السنتان هي تمام مدة الرضاع.


الصفحة التالية
Icon