« لا طلاق قبل النكاح » واختلفوا فيمن علّق الطلاق مثل قوله :( إن تزوجت فلانة فهي طالق )، أو قوله :( كل امرأة أتزوجها فهي طالق ) على مذهبين :
أ- مذهب الشافعي وأحمد : أنه لا يقع الطلاق وهو مروي عن ( ابن عباس ) رضي الله عنهما.
ب- مذهب أبي حنيفة ومالك : أنه يقع الطلاق بعد عقد الزواج وهو مروي عن ( ابن مسعود ) رضي الله عنه.
أدلة الشافعية والحنابلة :
أ- استدل الإمامان الشافعي وأحمد رحمهما الله على أن التعليق مثل التنجيز، طلاقٌ قبل النكاح، وإذا طلّق الإنسان امرأة، لا يملكها ( أنت طالق ) فإنه لا يقع باتفاق فكذا المعلّق من الطلاق لا يقع به طلاق.
ب- واستدلوا بحديث « لا نذر لابن آدم فيما لا يملك، ولا عتق له فيما لا يملك، ولا طلاق له فيما لا يملك ».
وهذا الرأي ذهب إليه الجمهور من الصحابة والتابعين وقد عدّ البخاري منهم أربعة وعشرين في باب ( لا طلاق قبل النكاح ) وهو منقول عن ( ابن عباس ) رحمه الله، فقد روي أنه سئل عن ذلك أي ( عن الطلاق المعلَّق ) فقال : هو ليس بشيء. فقيل له إن ( ابن مسعود ) يخالفك يقول : إذا طلّق ما لم ينكح فهو جائز. فقال : رحم الله أبا عبد الرحمن، لو كان كما قال لقال الله تعالى :( يا أيها الذين آمنوا إذا طلقتم المؤمنات ثم نكحتموهن ) ولكن إنما قال ﴿ إِذَا نَكَحْتُمُ المؤمنات ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ ﴾.
أدلة المالكية والحنفية :
واستدل الحنفية والمالكية بأنّ الطلاق يعتمد الملك، أو الإضافة إلى الملك، لكنه في حالة الإضافة إلى الملك يبقى معلّقاً حتى يحصل شرطه، فإذا قال للأجنبية ( إن تزوجتك فأنت طالق ) كان هذا تعليقاً صحيحاً، ولا يقع الطلاق به الآن إنما يقع بعد أن يتزوجها، فهو مثل قوله :( إن دخلتِ الدار فأنت طالق ) لا يقع الطلاق إلا بعد الدخول، فكذا هنا لا يقع الطلاق إلاّ بعد أن يعقد عقد الزواج عليها، فيكون الطلاق واقعاً في الملك بالضرورة فكأنه أوقعه عليها حينذاك، وقالوا : الفرق واضح بين تنجيز الطلاق على الأجنبية وبين تعليق طلاقها على النكاح فإن قول الرجل لامرأةٍ أجنبية ( هي طالق ) كلام لغو، لأنها ليست زوجته وقد طلّق ما لم يملك فهو طلاق قبل النكاح لا يقع أصلاً. أما قوله :( إن تزوجت فلانة فهي طالق ) فهو معلّق على الملك والفرق واضح بينهما. وهذا القول قال به جمع غفير من العلماء منهم ( ابن مسعود ) رضي الله عنه ودليله قوي وهو الأحوط كما نبّه عليه ( ابن العربي ) والجصاص.
والخلاصة فإنَّ الطلاق بعد النكاح يقع باتفاق الفقهاء، والطلاق المنجّز قبل النكاح لا يقع باتفاق، والطلاق المعلّق على النكاح يقع عند الحنفية والمالكية ولا يقع عند الشافعية والحنابلة، ولكل وجهة هو موليها والله تعالى أعلم.