الحكم الثالث : هل كان عند النبي امرأة موهوبة؟
ذهب أكثر العلماء إلى أن الهبة وقعت من كثير من النساء، وقد وردت روايات كثيرة منها القوي ومنها الضعيف في أسماء الواهبات أنفسهنّ، منهنّ ( أم شريك ) و ( خولة بنت حكيم ) و ( ليلى بنت الخطيم ) ولكن لم يكن عند رسول الله ﷺ منهنّ أحد، وقيل ( ميمونة بنت الحارث ) و ( زينب بنت خزيمة ) كذلك من الواهبات أنفسهنّ والصحيح هو الأول.
قال أبو بكر ابن العربي :( وروي عن ابن عباس ومجاهد أنهما قالا : لم يكن عند النبي ﷺ امرأة موهوبة ).
قال ابن كثير :« اللاتي وهبن أنفسهن للنبي ﷺ كثير، كما قال البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : كنت أغار من اللاتي وهبن أنفسهنّ للنبي ﷺ وأقول : أتهب المرأة نفسها؟ فلمّا أنزل الله تعالى :﴿ تُرْجِي مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ وتؤوي إِلَيْكَ مَن تَشَآءُ وَمَنِ ابتغيت مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ ﴾ قلت : ما أرى ربك إلاّ يسارع في هواك ».
الحكم الرابع : هل كان القسم واجباً على رسول الله ﷺ وأنه كان يقسم بينهن بالعدل ويقول :« اللهمّ هذا قسمي فيما أملك، فلا تؤاخذني فيما لا أملك » يريد بقوله ( ما لا أملك ) ميل القلب نحو بعض نسائه كعائشة رضي الله عنها.
واستدلوا بأنّ القسم كان واجباً عليه بأنه عليه السلام كان يستأذن بعض نسائه فيقول : أتأذنّ لي أن أبيت عند فلانه، وقد ورد في ذلك أحاديث صحيحة.
وذهب أكثر العلماء على أن هذه الآية الكريمة نزلت مبيحة لرسول الله ﷺ معاشرة من شاء من نسائه دون أن يكون القسم عليه واجباً، ومع ذلك فقد كان يعدل بينهنّ ويسوّي في القسمة.
قال الجصاص :« وهذه الآية تدل على أن القسم بينهن لم يكن واجباً على النبي ﷺ وأنه كان مخيراً في القسم لمن يشاء، وترك من شاء منهن ».
وقال ابن كثير :« وذهب طائفة من العلماء من الشافعية وغيرهم، إلى أنه لم يكن القسم واجباً عليه ﷺ، واحتجوا بهذه الآية الكريمة، وقال البخاري عن معاذ عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : كان النبي ﷺ يستأذننا في يوم المرأة منا، بعد أن نزلت هذه الآية ﴿ تُرْجِي مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ وتؤوي إِلَيْكَ مَن تَشَآءُ وَمَنِ ابتغيت مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ ﴾ فقلت لها : ما كنت تقولين؟ قالت كنت أقول : إن كان ذلك إليّ فإني لا أريد يا رسول الله أن أوثر عليك أحداً ». والصحيح أن القسم لم يكن واجباً عليه وهو اختيار الجمهور.
شبهة والردُّ عليها
لقد درج أعداء الإسلام منذ القديم، على التشكيك في نبي الإسلام، والطعن في رسالته والنيل من كرامته، ينتحلون الأكاذيب والأباطيل، ليشككوا المؤمنين في دينهم، ويبعدوا الناس عن الإيمان برسالته ﷺ، ولا عجب أن نسمع مثل هذا البهتان والافتراء والتضليل في حق الأنبياء والمرسلين، فتلك سنة الله في خلقه، ولن تجد لسنة الله تبديلاص.


الصفحة التالية
Icon