وصدق الله حيث يقول :﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ المجرمين وكفى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً ﴾ [ الفرقان : ٣١ ] وقبل أن نتحدث عن « أمهات المؤمنين الطاهرات »، وحكمة الزواج بهن نحب أن نردّ على شبهة سقيمة، طالما أثارها كثير من الأعداء، من الصليبيين، الحاقدين، والغربيّين المتعصبين.
ردّدوها كثيراً ليفسدوا بها العقائد، ويطمسوا بها الحقائق. ولينالوا من صاحب الرسالة العظمى محمد بن عبد الله، صلوات الله عليه.
إنهم يقولون :« لقد كان محمد رجلاً شهوانياً، يسير وراء شهواته وملذاته، ويمشي مع هواه، لم يكتف بزوجةٍ واحدة أو بأربع، كما أوجب على أبتاعه، بل عدّد الزوجات فتزوّج عشر نسوةٍ أو يزيد، سيراً مع الشهوة، وميلاً مع الهوى!
كما يقولون أيضاً :»
فرقٌ كبير وعظيم بين « عيسى » وبين « محمد »، فرقٌ بين من يغالب هواه، ويجاهد نفسه كعيسى بن مريم، وبين من يسير مع هواه، ويجري وراء شهواته كمحمد ﴿ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً ﴾ [ الكهف : ٥ ].
حقاً إنهم لحاقدون كاذبون، فما كان « محمد » ﷺ، رجلاً شهوانياً، إنما كان نبياً إنسانياً، تزوّج كما يتزوّج البشر، ليكون قدوة لهم في سلوك الطريق السويّ، وليس هو إلهاً، ولا ابن إله - كما يعتقد النصارى في نبيّهم - إنما هو بشر مثلهم، فضّله الله عليهم بالوحي، والرسالة ﴿ قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يوحى إِلَيَّ أَنَّمَآ إلهكم إله وَاحِدٌ... ﴾ [ الكهف : ١١٠ ].
ولم يكن صلوات الله وسلامه عليه بدعاً من الرسل، حتى يخاف سنتهم، أو ينقض طربقتهم، فالرسل الكرام قد حكى القرآن الكريم عنهم بقول الله جلّ وعلا :﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً... ﴾ [ الرعد : ٣٨ ].
فعلام إذاً يثيرون هذه الزوابع الهوج في حقّ خاتم النبيين ﷺ ؟
ولكن كما يقول القائل :

قد تنكر العين ضوء الشمس من رَمَد وينكر الفم طعم الماء من سقم
وصدق الله حيث يقول :﴿ فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي فِي الصدور ﴾ [ الحج : ٤٦ ]
« ردُّ الشبهة »
هناك نقطتان جوهريتان، تدفعان الشبهة عن النبي الكريم، وتلقمان الحجر لكل مقتر أثيم، يجب ألاّ يغفل عنهما، وأن نضعهما نَصْبَ أعيننا حين نتحدث عن أمهات المؤمنين، وعن حكمة تعدّد زوجاته الطاهرات، رضوان الله عليهن أجمعين.
هاتان النقطتان هما :
أولاً : لم يعدّد الرسول الكريم ﷺ زوجاته إلا بعد بلوغه سنَّ الشيخوخة أي بعد أن جاوز من العمر الخمسين.


الصفحة التالية
Icon