سبب النزول
أ - أخرج البخاري ومسلم عن البراء بن عازب أن النبي ﷺ كان أول ما نزل المدينة نزل على أخواله من الأنصار، وأنه صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهراً، وكان يعجبه أن تكون قبلته إلى البيت، وأنه صلى أول صلاة صلاها ( صلاة العصر ) وصلى معه قوم، فخرج رجل ممن كان صلى معه فمر على أهل المسجد وهم راكعون، فقال : أشهد بالله لقد صليت مع النبي ﷺ قبل مكة، فداروا كما هم قبل البيت، وكان الذي قد مات على القبلة قبل أن تحول قبل البيت رجالاً قتلوا لم ندر ما نقول فيهم فأنزل الله :﴿ وَمَا كَانَ الله لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ﴾.
ب - وعن البراء أن رسول الله ﷺ كان يصلي نحو بيت المقدس، ويكثر النظر إلى السماء ينتظر أمر الله فأنزل الله :﴿ قَدْ نرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السمآء ﴾ فقال رجال من المسلمين : وددنا لو علمنا علم من مات منا قبل أن تصرف إلى القبلة، وكيف بصلاتنا نحو بيت المقدس فأنزل الله :﴿ وَمَا كَانَ الله لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ﴾.
وجوه القراءات
أولاً : قرأ الجمهور ﴿ إِنَّ الله بالناس لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾ بالمد في ﴿ رؤوف ﴾ مع الهمز على وزن فعول، وقرأ الكسائي وحمزة ﴿ لَرَءُوفٌ ﴾ على وزن رَعُف، ويقال : هو الغالب على أهل الحجاز، قال جرير :
ترى للمسلمين عليكَ حقاً | كفعل الوالد الرّؤفِ الرحيم |
وجوه الإعراب
أولاً : قوله تعالى :﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً ﴾ الكاف للتشبيه وهي في موضع نصب صفة لمصدر محذوف تقديره : كما هديناكم جعلناكم أمة وسطاً، أي مثل هدايتنا لكم كذلك جعلناكم أمة وسطاً، و ( أمة ) مفعول ثانٍ لجعلنا، و ( وسطاً ) صفة لها.
ثانياً : قوله تعالى :﴿ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الذين هَدَى الله ﴾ ( إنْ ) مخففة من ( إنّ ) الثقيلة واسمها ضمير الشأن، واللام في قوله ( الكبيرة ) للفرق بين المخففة والنافية، كما في قوله تعالى :﴿ إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً ﴾ [ الإسراء : ١٠٨ ] وزعم الكوفيون أنها نافية، واللام بمعنى إلاّ، أي ما كانت إلا كبيرة، قال العكبري : وهو ضعيف جداً من جهة أن وقوع اللام بمعنى إلا لا يشهد له سماع ولا قياس.
لطائف التفسير
اللطيفة الأولى : أخبر المولى جلّ وعلا عمّا سيقوله السفهاء من اليهود قبل تحويل القبلة، والإخبار فيه معجزة لرسول الله ﷺ تدل على صدق ما جاء به، لأنه إخبار عن أمر مغيّب، كما فيه الجواب القاطع لحجة الخصم العنيد.