لأنهم يعلمون أنه صار أمراً مبرماص لا مرد له، وكذلك كان، فما أن خرج الرسول وأمر الحلاق بحلق رأسه، حتى تسابقوا إلى الاقتداء به صلوات الله عليه فحلقوا وتحلّلوا وكان ذلك بإشارة أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها وأرضاها.
٨- السيدة أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنها
وفي سنة سبع من الهجرة تزوج الرسول الكريم بالسيدة ( أم حبيبة ) رضي الله عنها وهي أرملة ( عبيد الله بن جحش ) مات زوجها بأرض الحبشة، فزَّوجها النجاشي للنبي ﷺ وأمهرها عنه أربعة آلاف درهم، وبعث بها إليه مع شرحبيل بن حسنة، وقد تقدمت الحكمة من تزوج الرسول الكريم بها فيما سبق.
٩ - ١٠ - السيدة جويرية بنت الحارث والسيدة صفية بنت حيي رضي الله عنهما
وتزوج الرسول الكريم بالسيدة ( جويرية بنت الحارث بن ضرار ) سيَّد بني المصطلق، وهي أرملة ( مُسَافع بن صفوان ) الذي قتل يوم المريسيع، وترك هذه المراة فوقعت في الأسر بيد المسلمين، وكان زوجها من ألدّ أعداء الإسلام وأكثرهم خصومة للرسول، وقد تقدم معنا الحكمة من تزوج الرسول الكريم بها، كما تقدم الحديث عن ( صفية بنت حُيّي بن أخطب ) عند الكلام على الحكمة السياسية.
١١- السيدة ميمونة بنت الحارث الهلالية رضي الله عنها
كان اسمها برّه فسمّاها عليه السلام ( ميمونة ) وهي آخر أزواجه صلوات الله عليه، وقد قالت فيها عائشة : أما إنها كانت من أتقانا لله وأوصلنا للرحم، وهي أرملة ( أبي رهم بن عبد العزى ) وقد ورد أن العباس رضي الله عنه هو الذي رغّبه فيها، ولا يخفى ما زواجه بها من البر وحسن الصلة وإكرام عشيرتها الذين آزروا الرسول ونصروه.
خاتمة البحث :
وبعد :
فهذه لمحة عن أمهات المؤمنين، زوجات الرسول الطاهرات، اللواتي أكرمهن الله بصحبة رسوله، وجعلهن أمهات للمؤمنين، وخاطبهن بقوله جل وعلا :
﴿ يانسآء النبي لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النسآء إِنِ اتقيتن فَلاَ تَخْضَعْنَ بالقول فَيَطْمَعَ الذي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً ﴾ [ الأحزاب : ٣٢ ] وقد كان زواج الرسول بهنَّ لحكم كثيرة، راعى فيها الرسول مصلحة الدين والتشريع، وقصد تأليف القلوب، فجذب إليه كبار القبائل، وكرام العشائر.
وجميع زوجات الرسول ( أرامل ) ما عدا السيدة عائشة، وقد عدّد الرسول زوجاته بعد الهجرة في السنة التي بدأت فيها الحروب بين المسلمين والمشركين، وكثر فيها القتل والقتال، وهي من السنة الثانية للهجرة إلى السنة الثامنة التي تمّ فيها النصر للمسلمين، وفي كل زواج ظهر لنا الدليل الساطع على نبل الرسول، وشهامته، وسموّ غرضه، وجميل إحسانه، خلافاً لما يقوله الأفّاكون الدسّاسون فلو كان للهوى سلطان على قلب النبي لتزوج في حال الشباب، رؤية ضياء الحق الساطع، وصدق الله :﴿ بَلْ نَقْذِفُ بالحق عَلَى الباطل فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الويل مِمَّا تَصِفُونَ ﴾ [ الأنبياء : ١٨ ].


الصفحة التالية
Icon