ومن درس حياة السلف الصالح، وما كان عليه النساء الفضليات - نساء الصحابة والتابعين - وما كان عليه المجتمع الإسلامي في عصره الذهبي من التستر، والتحفظ، والصيانة عرف خطأ هذا الفريق من الناس، الذين يزعمون أن الوجه لا يجب ستره بل يجب كشفه، ويدعون المرأة المسلمة أن تسفر عن وجهها بحجة أنه ليس بعورة، لأجل أن يتخلصوا من الإثم - بزعمهم - في كتم العلم، وما دروا أنها مكيدة دبّرها لهم أعداء الدين، وفتنة من أجل التدرج بالمرأة المسلمة إلى التخلص من الحجاب الشرعي، الذي عمل له الأعداء زمناً طويلاً، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
الحكم الرابع : ما هي شروط الحجاب الشرعي؟
يشترط في الحجاب الشرعي بعض الشروط الضرورية وهي كالآتي :
أولاً : أن يكون الحجاب ساتراً لجميع البدن لقوله تعالى :﴿ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جلابيبهن ﴾. وقد عرفت معنى ( الجلباب ) وهو الثوب السابغ الذي يستر البدن كله، ومعنى ( الإدناء ) وهو الإرخاء والسدل فيكون الحجاب الشرعي ما ستر جميع البدن.
ثانياً : أن يكون كثيفاً غير رقيق، لأنّ الغرض من الحجاب السترُ، فإذا لم يكن ساتراً لا يسمّى حجاباً لأنه لا يمنع الرؤية ولا يحجب النظر، وفي حديث عائشة أنّ ( أسماء بنت أبي بكر ) دخلت على رسول الله ﷺ وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها رسول الله ﷺ... الحديث.
ثالثاً : ألاّ يكون زينة في نفسه، أو مبهرجاً ذا ألوان جذابه يلفت الأنظار لقوله تعالى :﴿ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا ﴾ [ النور : ٣١ ] الآية ومعنى ﴿ مَا ظَهَرَ مِنْهَا ﴾ أي بدون قصد ولا تعمد، فإذا كان في ذاته زينة فلا يجوز ارتداؤه، ولا يسمى ( حجاباً ) لأن الحجاب هو الذي يمنع ظهور الزينة للأجانب.
رابعاً : أن يكون فضفاضاً غير ضيّق، لا يشفّ عن البدنن ولا يجسّم العورة، ولا يظهر أماكن الفتنة في الجسم، وفي « صحيح مسلم » عن رسول الله ﷺ أنه قال :« صنفان من أهل النار لم أرهما : قومٌ معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساءٌ كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنّة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ». وفي رواية أخرى : وإنّ ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام. « رواه مسلم ».
ومعنى قوله عليه السلام :« كاسيات عاريات »


الصفحة التالية
Icon