الأثافي ( جمع الأثفية ) : ما توضع عليها القدر من حجارة وغيرها.
﴿ دَابَّةُ الأَرْضِ ﴾ : هي حشرة تسمّى ( الأرَضَة ) تأكل الخشب وتنخره.
﴿ مِنسَأَتَهُ ﴾ : المنسأة : العصا، وهي ( مِفْعَلة ) من نسأتُ الدابة : إذا سقتَها. قال الشاعر :
ضربنا بمنسأة وجهَه... فصار بذاكَ مهيناً ذليلا
قال الزجّاج : وإنّما سميت منسأة لأنه يُنْسأ بها : أي يُطْرد ويُزجر، وقال الفراء : أهل الحجاز لا يهمزون ( المنسأة ) وتميم وفصحاء قيس يهمزونها، قال الشاعر في ترك الهمزة :
إذا دببتَ على المِنْساة من كِبَر... فقد تباعد عنك اللهو والغزل
وقال آخر مع الهمز والفتح :
أمن أجل حَبْل لا أبَاكَ ضربتَه... بمنسَأةٍ قد جرّ حبلُك أحْبُلا
وقال أبو عمرو : وأنا لا أهمزها لأني لا أعرف لها اشتقاقاً، فإن كانت لا تهمز فقد احتطت، وإن كانت تهمز فيجوز لي ترك الهمزة فيما يهمز.
﴿ خَرَّ ﴾ : سقط على الأرض أي سقط ميتاً.
﴿ العذاب المهين ﴾ : المراد به التكاليف والأعمال الشاقة التي كلّف سليمان عليه السلام بها الجن.
قال المفسرون : كانت الإنس تقول : إن الجن يعلمون الغيب، الذي يكون في المستقبل، فوقف سليمان عليه السلام في محرابه يصلي متوكئاً على عصاه، فمات ومكث على ذلك حولاً والجن تعمل تلك الأعمال الشاقة ولا تعلم بموته، حتى أكلت الأرَضة عصا سليمان، فسقط على الأرض فعلموا موته، وعلم الإنس أن الجنّ لا تعلم الغيب، ولو علموا الغيب لما أقاموا هذه المدة الطويلة في الأعمال الشاقة.
المعنى الإجمالي
يخبر المولى تعالى بما أنعم على عبده ورسوله ( داود ) عليه السلام، من الفضل المبين، والجاه العظيم، حيث جمع له بين ( النبوة والملك ) والجنود ذوي العَدَد والعُدَد، وما منحه إياه من الصوت الرخيم، الذي كان إذا سبّح به تسبّح معه الجبال الراسيات، وإذا قرأ الزبور تقف له الطيور السارحات والغاديات والرائحات، تكفّ عن طيرانها ثم تردّد معه الزبور مع التسبيح والتمجيد معجزة له عليه السلام، وقد ألان الله تعالى له الحديد، حتى كان بين يديه كالعجين يصنع منه الدروع السابغة، التي تقي الإنسان شر الحروب، كما قال تعالى :﴿ وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ ﴾ [ الأنبياء : ٨٠ ].
وكما أنعم الله على ( داود ) أنعم على ولده ( سليمان ) عليهما الصلاة والسلام، فسخّر له الريح، وسخَّر الجن، وعلّمه لغة الطير، وأسال له عين النحاس فكانت عيناً جارية تسيل بقدرة الله، وكانت الريح تقطع به المسافات الشاسعة الواسعة، في ساعات معدودات، تحمله مع جنده فتنتقل به من بلد إلى بلد، ، وتسير به مسيرة شهرين في أقل من نهار واحد ﴿ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ﴾ أي تغدو به مسيرة شهر إلى نصف النهار، وترجع به مسيرة شهر آخر النهار، وكأنها ( طائرة نفاثة ) تحمل ذلك الجيش العرمرم وتنتقل به في ساعات محدودات، تقطع به مسيرة شهرين. كما سخّر له الجن تعمل بأمره وإرادته، ما يعجر عنه البشر، من القصور الشامخة، والتماثيل العجيبة والقصاع الضخمة التي تشبه الأحواض، والقدور الراسيات التي لا تتحرك لكبرها وضخامتها، وأمره أن يشكر الله على هذه النعم.


الصفحة التالية
Icon