قال الزجّاج :« وأكثر القراء على الوقف بدون ياء، وكان الأصل الوقف بالياء، إلاّ أن الكسرة تنوب عنها ».
سابعاً : قوله تعالى :﴿ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ﴾ قرأ لجمهور بالهمز ﴿ منسأته ﴾ وقرأ نافع وأبو عمرو ﴿ منساته ﴾ من غير همز وهي لغة أهل الحجاز.
ثامناً : قوله تعالى :﴿ تَبَيَّنَتِ الجن ﴾ قرأ الجمهور بالبناء للفاعل، وقرأ يعقوب ﴿ تُبُيّنت ﴾ بالبناء للمفعول.
وجوه الإعراب
أولاً : قوله تعالى :﴿ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً ﴾ آتى : تنصب مفعولين لأنها بمعنى أعطى، و ﴿ دَاوُودَ ﴾ مفعول أول، و ﴿ فَضْلاً ﴾ مفعول ثان، و ﴿ مِنَّا ﴾ الجار والمجرور متعلق بمحذوف متعلق بمحذوف صفة ل ﴿ فَضْلاً ﴾ أي فضلاً كائناً منا.
ثانياً : قوله تعالى :﴿ وَأَلَنَّا لَهُ الحديد * أَنِ اعمل سابغات ﴾ قال أبو البركات ابن الأنباري :( أنْ ) فها وجهان :
أحدهما : أن تكون مفسِّرة بمعنى أي، ولا موضع لها من الإعراب.
والثاني : أن تكون في موضع نصب بتقدير حذف حرف جر، وتقديره : لأن تعمل، أي ألنّا له الحديد لهذا الأمر، و ﴿ سابغات ﴾ أي دروعاً سابغات فحذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامة.
ثالثاً : قوله تعالى :﴿ وَمِنَ الجن مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ ﴾ أي بعضهم لأنّ ﴿ مِنَ ﴾ للتبعيض. والجار والمجرور ﴿ مِنَ الجن ﴾ في محل رفع خبر مقدم، و ﴿ مَن يَعْمَلُ ﴾ الجملة في محل رفع مبتدأ مؤخر، والتقدير : ومن الجن عمّال مسخرون له، وجوّز النحاة أن يكون قوله :﴿ مَن يَعْمَلُ ﴾ في موضع نصب بفعل محذوف مقدر، والتقدير : سخّرنا من الجنّ من يعمل بين يديه.
أقول : وفيه تكلف والوجه الأول أوضح.
رابعاً : قوله تعالى :﴿ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السعير ﴾ ﴿ مَن ﴾ : شرطية في موضع رفع على الابتداء، و ﴿ نُذِقْهُ ﴾ جواب الشرط والجملة في محل رفع خبر المبتدأ.
خامساً : قوله تعالى :﴿ اعملوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً ﴾.. ﴿ شُكْراً ﴾ منصوب لأنه مفعول له أي أعملوا من أجل شكر الله، ويحوز أن تكون حالاً أي اعملوا شاكرين لله.
أقول : وهذا أرجح، قال ابن مالك :

ومصدرٌ منكرٌ حالاً يقع بكثرة كبغتةً زيد طلع
وجوّز بعض النحاة : أن تكون مفعولاً به أي أعملوا الشكر، وردّ ابن الأنباري هذا الوجه فقال :« ولا يكون منصوباً ب ( اعملوا ) لأن ( اشكروا ) أفصح من ( اعملوا الشكر ) ا ه، وهذا القول وجيه فتدبره.
لطائف التفسير
اللطيفة الأولى : خصّ الله تعالى نبيه ( داود ) عليه السلام ببعض الخصوصيات فسخّر له الجبال والطير تسبح معه، وألان له الحديد، وجمع له بين ( النبوة والملك ) كما جمع ذلك لولده ( سليمان ) عليه السلام، وذلك من الفضل الذي أعطيه آل داود.
قال ابن عباس : كانت الطير تسبّح مع داود إذا سبّح، وكان إذ قرأ لم تبق دابة إلاّ استمعت لقراءته، وبكت لبكائه.


الصفحة التالية
Icon