الحكم الثاني : ما هو حكم التماثيل والصور في الشريعة الإسلامية؟
نعى القرآن الكريم على التماثيل وشنذع على من كان يعكف عليها ﴿ مَا هذه التماثيل التي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ ﴾ [ الأنبياء : ٥٢ ] وندّد بمن يتخذ الأصنام والأوثان آلاهة ﴿ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ * والله خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [ الصافات : ٩٥ - ٩٦ ] ؟.
وفي القرآن الكريم من قصص إبراهيم عليه السلام في تحطيم الأصنام ما هو معروف، وقد ورد أنّ رسولنا الأعظم ﷺ حطّم الأصنام التي كانت في جوف الكعبة، والتي كانت على الصفا والمروة.
والدين الإسلامي دين التوحيد، وعدوّ الشرك، وليس في الإسلام ذنب أعظم من الشرك، ولذلك فقد كانت حملته شديدة على الوثنية وعبادة الأصنام، وحرّمت الشريعة الإسلامية ( التماثيل ) لأنها تؤدي إلى ذلك المنكر الفاحش.
والسنَّةُ المطهّرة جاءت بالنعي على التصوير والمصورين، والنهي عن اتخاذ الصور والتنفير منها، ولذلك فإنّ من المقطوع به أن الإسلام حرّم التماثيل والتصاوير تحريماً قاطعاً جازماً.
وقد وردت أحاديث نبوية كثيرة تدل على التحريم، حتى كادت تبلغ حد التواتر، وسنعرض إلى ذكر بعض هذه النصوص فنقول ومن الله نستمد العون.
الأدلة القاطعة على تحريم التصوير
النص الأول : روى البخاري ومسلم عن عائشة عن رسول الله ﷺ أنه قال :« أشدّ الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله ».
النص الثاني : روى البخاري ومسلم وأصحاب السنن أن النبي ﷺ قال :« إن اصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم : أحيو ما خلقتم ».
النص الثالث : روى البخاري ومسلم وأحمد عن أبي زُرعة قال : دخلتُ مع أبي هريرة دار مروان بن الحكم، فرأى فيها تصاوير وهي تُبنى، فقال : سمعت رسول الله ﷺ يقول : قال الله عزّ وجلّ :
« ومن أظلم ممّن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا ذرّة، أو فليخلقوا حبة، أو فليخلقوا شعيرة ».
النص الرابع : روى البخاري ومسلم والنسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً قال له : إني أصوّر هذه الصور فأفْتني فيها، فقال له : ادن مني فدنا، ثم قال : ادن مني فدنا، حتى وضع يده على رأسه وقال : إنبئك بما سمعت من رسول الله ﷺ، سمعته يقول :« كلّ مصوّر في النار، يُجعل له بكل صورة صوّرها نفس فيعذبه في جهنم ».
قال ابن عباس :( فإن كنت لا بدّ فاعلاً فصوّر الشجر، وما لا روح فيه ).
وفي رواية أخرى عنه : سمعته يقول :« من صوّر صورة فإنّ الله يعذبه حتى ينفخ فيها الروح وليس بنافخ فيها أبداً » ثم قال له ابن عباس :( إن أبيت إلاّ أن تصنع، فعليك بهذه الشجر، كل شيء ليس فيه روح ).
النص الخامس : روى الشيخان وأصحاب السنن عن عائشة رضي الله عنها أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير، فلما رآها النبي ﷺ قام على الباب فلم يدخل، قالت : فعرفت في وجهه الكراهية، فقلت يا رسول الله : أتوب إلى الله ورسوله ماذا أذنبت؟ فقال : ما بال هذه النمرقة؟ قلت : اشتريتها لك لتقعد عليها وتَوَسّدها، فقال : إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، فيقال لهم : أحيوا ما خلقتم، وقال : إنّ البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة.


الصفحة التالية
Icon