فإن قيل : كيف استجاز الصور المنهيّ عنها؟
قلنا : كان ذلك جائزاً في شرعه، ونسخ ذلك بشرعنا.
ما يحرم من الصور والتماثيل
يحرم من الصور والتماثيل ما يأتي :
أولاً : التماثيل المجسّمة إذا كانت لذي روح من إنسان أو حيوان يحرم بالإجماع للحديث الشريف :« إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب، ولا صورة، ولا تماثيل، ولا جنب ».
ثانياً : الصورة المصوّرة باليد لذي روح : حرام بالاتفاق لقوله ﷺ :« إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم : أحيوا ما خلقتم » ولحديث :« من صوّر صورة أُمر أن ينفخ فيها الروح يوم القيامة وليس بنافخ ».
ثالثاً : الصورة إذا كانت كاملة الخلق بحيث لا ينقصها إلا نفخ الروح حرام كذلك بالاتفاق لقوله ﷺ في الحديث السابق :« أُمِرَ أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ ».
ولحديث عائشة :( دخل عليّ رسول الله ﷺ وأنا مستترة بقرامٍ فيه صورة، فتلوّن وجهه ثم تناول الستر فهتكه، ثم قال :« إنّ أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يُشبّهون خلق الله » قالت عائشة : فقطعته فجعلت منه وسادتين، فكان النبي ﷺ يرتفق بهما ).
فهتْكُه عليه السلام للستر يدلُّ على التحريم، وتقطيع عائشة له وجعله وسادتين بحيث انفصلت أجزاء الصورة ولم تعد صورة كاملة يدل على الجواز، فمن هنا استنبط العلماء أن الصورة إذا لم تكن كاملة الأجزاء فلا حرمة فيها.
رابعاً : الصورة إذا كانت بارزة تشعر بالتعظيم، ومعلّقة بحيث يراها الداخل حرام أيضاً بلا خلاف لحديث عائشة رضي الله عنها قالت :( كان له ستر فيه تمثال طائر، وكان الداخل إذا دخل استقبله، فقال رسول الله ﷺ حوّلي عني هذا، فإني كلّما رأيته ذكرتُ الدنيا ).
ولحديث أبي طلحة عن عائشة قالت :( خرج النبي ﷺ في غزاة فأخذت نَمَطاً فسترته على الباب، فلما قدم ورأى النّمَط عرفت الكراهية في وجهه، فجذبه حتى هتكه وقال : إنّ الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين، قالت : فقطعت منه وسادتين وحشوتهما ليفاً، فلم يعب ذلك عليَّ ).
ما يباح من الصور والتماثيل
ويباح من الصور والتماثيل ما يأتي :
أ- كل صورة أو تمثال لما ليس بذي روح كتصوير الجمادات، والأنهار والأشجار، والمناظر الطبيعية التي ليست بذات روح فلا حرمة في تصويرها لحديث ابن عباس السابق حين سأله الرجل إني أصوّر هذه الصور فأفتني فيها؟... فأخبره بحديث رسول الله ﷺ، ثم قال له ابن عباس :( إن كنت لا بدَ فاعلاً فصوّر الشجر، وما لا روح له ).


الصفحة التالية
Icon