فالصور العارية، والمناظر المخزية، والأشكال المثيرة للفتنة، التي تظهر بها المجلات الخليعة، وتملأ معظم صفحاتها بهذه الأنواع من المجون، مما لا يشك عاقل في حرمته، مع أنه ليس تصويراً باليد، ولكنه في الضرر والحرمة أشد من التصوير باليد.
ثمّ إن العلة في التحريم ليست هي ( المضاهاة ) والمشابهة لخلق الله فحسب، بل هناك نقطة جوهرية ينبغي التنبه لها وهي أن ( الوثنية ) ما دخلت إلى الأمم السابقة إلاّ عن طريق ( الصور )، حيث كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح، صوّروه تخليداً لذكراه، واقتداءً به، ثمّ جاء مَنْ بعدَهم فعبدوا تلك الصورة من دون الله، فما يفعله بعض الناس من تعليق الصور الكبيرة المزخرفة في صدر البيت، ولو كانت للذكرى، وليست تصويراً باليد، مما لا تجيزه الشريعة الغراء، لأنه قد يجر في المستقبل إلى تعظيمها وعبادتها، كما فعل أهل الكتاب بأنبيائهم وصلحائهم.
فإطلاق الإباحة في التصوير الفوتوغرافي، وأنه ليس بتصوير وإنما هو حبس للظلّ، مما لا ينبغي أن يقال، بل يقتصر فيه على حد الضرورة، كإثبات الشخصية، وكلِّ ما فيه مصلحة دنيوية مما يحتاج الناس إليه والله تعالى أعلم.
الشبه الواردة على تحريم التصوير
يذهب بعض أدعياء العلم، ممن تأثروا بالثقافة الغربية، إلى إثارة بعض الشبه على تحريم التصوير، بقصد التزلف إلى الحضارة الغربية، والاندماج فيما خيّل لهم أنه فنّ راق، وذوق سليم، أو بقصد التقرب إلى المترفين ومسايرتهم على أهوائهم، لينالوا بعض المناصب.
الشبهة الأولى :
يزعمون أنّ ما ورد من نصوص في تحريم التصوير، إنما هو إجراء مؤقت اقتضته ظروف الدعوة الإسلامية، لمجابهة الشرك والوثنية، وأنّ الغاية هي قطع الطريق على الوثنية، فلمّا زال الخوف من عباده الأوثان والأصنام زالت الحاجة إلى تحريم التصوير.
وللرد على هذه الشبهة سنكتفي بنقل كلام فضيلة الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في دحض هذه الشبهة، حيث جاء في تعليقه على الحديث ( ٧١٦٦ ) من « المسند » ما نصه :
« وكان من حجة أولئك.. أن تأولوا النصوص بعلة لم يذكرها الشارع، ولم يجعلها مناط التحريم - في ما بلغنا - أن التحريم إنما كان أول الأمر لقرب عهد بالوثنية. أمّا الآن وقد مضى على ذلك دهر طويل، فقد ذهبت علة التحريم، ولا يخشى على الناس أن يعودوا لعبادة الأوثان.


الصفحة التالية
Icon