ج - وقتل ( بني قُرَيظة ) بعد نزولهم على حكم ( سعد بن معاذ ) الذي حكم فيهم بالقتل، وسبي الذرية.
د- وفتح ﷺ خيبر بعضَها صُلحاً، وبعضَها عَنْوة، وشرط على ( ابن أبي الحُقَيْق ) ألا يكتم شيئاً، فلما ظهر على خيانته وكتمانه قتله عليه السلام.
ه -وفتح مكة وأمر بقتل ( هلال بن خَطَل ) و ( عبد الله بن أبي سَرْح ) و ( مقيس بن حبابة ) وقال : اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة.
فكلُّ هذه الأخبار تدل على جواز قتل الأسير، ولأنّ في قتله حسمَ مادة الفساد في الأرض.
قال الألوسي :« وليس لواحد من الغزاة أن يقتل أسيراً بنفسه، فإن فعل كان للإمام أن يعزّره، ولكنْ لا يضمن شيئاً، وإن أسلم الأسارى بعد الأسر لا يقتلهم، لاندفاع شرهم بالإسلام، ولكن يجوز استرقاقهم، فإنّ الإسلام لا ينافي الرق جزاءً على الكفر الأصلي، بخلاف ما لو اسلموا من قبل الأخذ فإنهم يكونون أحراراً، لأنه إسلام قبل انعقاد سبب الملك فيهم.. ».
وقال القرطبي :« وقيل : ليس للإمام أن يقتل الأسير، وقد روي عن الحجّاج أنه دفع أسيراً إلى ( عبد اله بن عمر ) ليقتله فأبى وقال : ليس بهذا أمَرنا اللَّهُ، وقرأ ﴿ حتى إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّواْ الوثاق ﴾.
قلنا : قد قاله رسول الله ﷺ وفَعَله، وليس في تفسير الله للمنّ والفداء منع من غيره، ولعلّ ابن عمر كره ذلك من بد الحجّاج فاعتذر بما قال وربك أعلم »
.
الحكم السادس : هل يجوز أخذ الفداء من الأسير؟
اختلف الفقهاء في أخذ الفاء من الأسير على أقوال :
أولاً : مذهب الحنفية : أن الأسير لا يُفادى بالمال، ولا يباع لأهل الحرب، لأنه يرجع حرباً علينا، أمّا فداؤه بأسرى من المسلمين فجائز عند الصاحبين ( أبي يوسف ومحمد ) وقال :( أبو حنيفة ) : لا يُفادَوْن بأسرى المسلمين أيضاً.
ثانياً : مذهب الجمهور ( الشافعي ومالك وأحمد ) جواز أخذ الفداء من الأسرى.
دليل الحنفية :
استدل الحنفية على عدم جواز الفداء بما يلي :
أ- قالوا : إن الآية الكريمة :﴿ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً ﴾ منسوخة بقوله تعالى :﴿ فاقتلوا المشركين حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ ﴾ [ التوبة : ٥ ] وبقوله تعالى :﴿ قَاتِلُواْ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالله وَلاَ باليوم الآخر ﴾ [ التوبة : ٢٩ ] نُقل ذلك عن مجاهد.
وروي عن ( قتادة ) أنه قال : نسختها آية الأنفال [ ٥٧ ] :﴿ فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الحرب فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ ﴾ ووجه الاستدلال : أنّ سورة براءة من آخر ما نزل، فوجب أن يُقتل كل مشرك، إلا من قامت الدلالة على تركه من النساء والصبيان، ومن يؤخذ منه الجزية، والمتأخر ينسخ المتقدم كما هو المعلوم من أصول الشريعة الغراء.
ب- وقالوا : لا يجوز المنّ ولا الفداء، لأن فيه تقوية لأهل الشرك على أهل الإسلام، حيث يرجعون حرباً علينا، وقد أُمرنا بتطهير الأرض من الكفر ومن رجس المشركين.


الصفحة التالية
Icon