﴿ سُبْحَانَكَ هذا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ﴾ [ النور : ١٦ ] !
الحكم الخامس : ما المراد من قوله تعالى :﴿ وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ﴾ ؟
اختلف العلماء في المراد من الآية الكريمة على ثلاثة أقوال :
أحدها : أن المراد به النوح على الميّت، قاله ابن عباس، وروي عن النبي ﷺ مرفوعاً.
والثاني : أن المراد : أن لا يدعون ويلاً، ولا يخدشن وجهاً، ولا يقطعن شعراً، ولا يشققن ثوباً، قاله زيد بن أسلم.
والثالث : جميع ما يأمرهن به رسول الله ﷺ من شرائع الإسلام وآدابه وهذا هو الأرجح.
قال العلامة القرطبي :« والصحيح أنه عام في جميع ما يأمر به النبي ﷺ، وينهى عنه، فيدخل فيه النّوح، وتخريق الثياب، وجزّ الشعر، والخلوة بغير محرم، إلى غير ذلك، وهذه كلها كبائر، ومن أفعال الجاهلية، وفي صحيح مسلم عن النبي ﷺ أنه قال :» أربعٌ في أمتي من أمر الجاهلية... وذكر منها النياحة «.
ما ترشد إليه الآيات الكريمة
أولاً : امتحان المهاجرات المؤمنات للتعرف على سبب الهجرة.
ثانياً : نحن نحكم بالظاهر، والله جلّ وعلا يتولى السرائر.
ثالثاً : حرمة نكاح المشركات اللواتي لا يؤمنّ بالله تعالى.
رابعاً : إسلام المرأة يقطع الصلة بينها وبين زوجها المشرك وتحرم عليه.
خامساً : البيعة للنساء تكون بالشرائط التي ذكرها القرآن الكريم.
سادساً : الطاعة لأولي الأمر تكون في حدود ما شرع الله تبارك وتعالى.
سابعاً : جواز نكاح الكتابيات اللاتي يؤمنّ بكتاب منزل من عند الله.
خاتمة البحث :
حكمة التشريع
حرّمت الشريعة الإسلامية الغراء نكاح المشركات، وحظرت على المسلم أن يُبقي في عصمته امرأة لا تؤمن بالله، ولا تعتقد بكتاب أو رسول، وتنكر البعث والنشور، وذلك لما يترتب على هذا الزواج من مخاطر دينية، واجتماعية، وأضرار عظيمة، تلحق بالزوج والأولاد، وبالتالي تهدّد حياة الأسرة التي هي النواة لبناء المجتمع الأكبر.
وقد قضت السنة الإلهية أن تمتزج الأرواح بالأرواح، وتتلاءم الأنفس مع الأنفس عند الزواج، لينعم الزوجان في حياة آمنةٍ سعيدة، يرفرف عليها الحب، وتظلِّلها السعادة، ويخيِّم عليها التعاون والتفاهم والوئام.
ولمّا كان هذا الانسجام والتفاهم، لا يكاد يوجد بين قلبين متنافرين ونفسين مختلفين، نفسٍ مؤمنةٍ خيّرة، ونفسٍ مشركةٍ فاجرة، وكان هذا يؤدي بدوره إلى التنافر، والخصام، والنزاع، لذلك حرّم الإسلام الزواج بالوثنية المشركة، وعدّه زواجاً باطلاً لا يستقيم مع شريعة الله.
فالمشركة التي ليس لها دين يزجرها عن الشرّ، ويأمرها بالخير، ويحرّم عليها الخيانة، ويوجب عليها الأمانة، هذه الزوجة لا يمكن أن يسعد المرء في حياته معها، ولا تصلح أن تكون ( رفيقة الحياة ) لرجلٍ يؤمن بالله واليوم الآخر مع الفارق الكبير بين نفسيهما.


الصفحة التالية
Icon