والآية الكريمة لم تنصّ على عددٍ معيّن، وكذلك السُنَّةُ المطهّرة لم يرد فيها نص صريح صحيح على العدد الذي تنعقد به، ولهذا اختلف الفقهاء على أقوال عديدة :
أ- الحنفية قالوا : يكفي أربعة أحدهم الإمام، وقيل : ثلاثة.
ب- الشافعية والحنابلة قالوا : لا بدّ من جمع غفير أقله أربعون.
ج - المالكية قالوا : لا يشترط عدد معيّن بل تشترط جماعة تُسْكن بهم قرية، ويقع بينهم البيع، ولا تنعقد بالثلاثة والأربعة ونحوهم.
قال الحافظ ابن حجر : ولعلّ هذا المذهب أرجح المذاهب من حيث الدليل.
وهناك أحكام أخرى تطلب من كتب الفروع ضربنا صفحاً عنها لأنّ الآية الكريمة لا تدل عليها والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
ما ترشد إليه الآيات الكريمة
أولاً : الجمعة فريضة على المسلمين المكلفين بالشروط المعروفة.
ثانياً : وجوب السعي للاستماع إلى الخطبة وأداء فريضة الجمعة.
ثالثاً : حرمة البيع والشراء وسائر المعاملات عند الأذان.
رابعاً : جواز الاشتغال بأمور التجارة والمعاش قبل الصلاة وبعدها.
خامساً : الرزق بيد الله ومع ذلك ينبغي أن يأخذ الإنسان بأسباب الكسب.
سادساً : لا ينبغي للمؤمن أن تشغله تجارة الدنيا عن تجارة الآخرة.
خاتمة البحث :
حكمة التشريع
الصلاة صلة العبد بربه، وعبادة تشدُّ القلب، وتقوِّي الإيمان فيه، وهي إلى جانب هذا تزيد المجتمع ترابطاً وتآلفاً، يلتقي فيها أفراده على الخير، ويتعاونون على البر والتقوى، وإذا كانت الصلوات الخمس في كل يوم وليلة مفروضة فقد يُشْغل المرء عن بعضها في شغله الدنيوي الذي يُبعده عن المسجد، أو يتساهل في عدم المجيء إليها، لذلك فقد فرض الله صلاة الجمعة في كل أسبوع مرة واحدة ليسرع إلى الصلاة يستمع إلى كلام الله وحديث المصطفى ﷺ وموعظة الخطيب، فيكون له زاداً إيمانياً، ويجتمع بإخوانه المؤمنين جميعاً، فيتفقد الغائب، ويعين المحتاج، ويعود المريض، ويصالح المتخاصمين، ويبذل نصحه للمقصِّرين... كما يتعلم الآداب الإسلامية في الاجتماع من السلام، والاحترام، والبشاشة التي تجعل المجتمع في سلام وأمان، لهذا كله فرض الله سبحانه صلاة الجمعة على كل مسلم، وأمره أن يسعى إليها، وحثه على أدائها.