واختلف في تقدير سن اليأس على أقوال عديدة :
فقدره بعض الفقهاء بستين سنة.
وقدَّره بعضهم بخمس وخمسين سنة.
وقيل : غالب سن يأس عشيرة المرأة.
وقيل : أقصى عادة امرأة في العالم.
وقيل : غالب سن يأس النساء في مكانها التي هي فيه، فإن المكان إذا كان طيَّب الهواء والماء، يبطئ فيه سن اليأس.
وأما المرأة إذا كانت تحيض ثم لم تر الحيض في عدتها ولم يُدْر سببه :
فقال الحنفية والشافعية : إن عدتها الحيض حتى تدخل في السن التي لا تحيض أهلها من النساء فتستأنف عدة الآيسة ثلاثة أشهر.
ونقل عن علي وعثمان، وزيد بن ثابت، وابن مسعود.
وقال مالك وأحمد : تنتظر تسعة أشهر لتعلم براءة رحمها لأن هذه المدة هي غالب مدة الحمل فإذا لم يبن الحمل فيها علم براءة الرحم، ثم تعتد بعد ذلك عدة الآيسات ثلاثة أشهر. ونقل عن عمر أنه قضى ذلك.
الحكم الثاني : ما المراد من قوله تعالى :﴿ إِنِ ارتبتم فَعِدَّتُهُنَّ ثلاثة أَشْهُرٍ ﴾ ؟
قال الجصاص : غير جائز أن يكون المراد به الارتياب في الإياس؛ لأنَّا إذا شككنا هل بلغت سن اليأس لم نقل عدَّتُها ثلاثة أشهر.
واختلف أهل العلم في ( الريبة ) المذكورة في الآية على أقوال :
اختار الطبري : أن يكون المعنى « إن شككتم فلم تدروا ما الحكم فيهن؟ فالحكم أن عدتهن ثلاثة أشهر » وهو قول الجصاص فقد قال :« وذكُر الارتياب في الآية إنما هو على وجه ذكر السبب الذي نُزل عليه الحكم فكان بمعنى واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر... » ونقل عن مجاهد.
وقال مجاهد : الآية واردة في المستحاضة أطبق بها الدم لا تدري أهو دم حيض أو دم علة.
وقال عكرمة وقتادة : من الريبة المرأة المستحاضة التي لم يستقيم لها الحيض، تحيض في أول الشهر مراراً وفي الأشهر مرة.
وقيل : إنه متصل بأول السورة والمعنى « لا تخرجوهن من بيوتهن إن ارتبتم في انقضاء العدة ».
قال القرطبي : وهو أصح ما قيل فيه.
وقال الزجاج : المعنى إن ارتبتم في حيضهن، وقد انقطع عنهن الدم وكن ممن يحيض مثلهن.
وقيل : إن ارتبتم أي تيقنتم وهو من الأضداد.
الحكم الثالث : ما هي عدة الحامل؟
نصت الآية على أن الحامل تنتهي عدتها بولادتها، ودل قوله تعالى في سورة البقرة :﴿ والذين يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً ﴾ [ البقرة : ٢٣٤ ] على أن عدةاملتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشراً، فإذا كانت المتوفى عنها زوجها حاملاً فبأي الأجليت تأخذ؟ ولم يختلف السلف والخلف أن عدة المطلقة الحامل أن تضع حملها، واختلفوا في المتوفى عنها زوجها.


الصفحة التالية
Icon