قالت : فذكرتُ ذلك لرسول الله ﷺ فقال :« لا نفقة لك ولا سكنى ».
وفي رواية « إنما السكنى والنفقة على من له عليها رجعة ».
٢- إن النفقة إنما تجب لأجل التمكين من الاستمتاع بدليل أن الناشز لا نفقة لها.
وللعلماء في مناقشة الأدلة كلام طويل ينظر في كتب الفروع.
الحكم الخامس : على من يجب الرضاع؟
قال المالكية : رضاع الولد على الزوجة ما دامت الزوجية إلا لشرف الزوجة وموضعها فعلى الأب رضاعة يومئذٍ في ماله، فإن طلقها فلا يلزمها رضاعة إلا أن يكون غير قابل ثدي غيرها فيلزمها رضاعه.
وقال الحنفية : لا يجب الرضاع على الأم بحال.
وقيل : يجب الرضاع على الأم في كل حال.
ما ترشد إليه الآيات الكريمة
أولاً : المرأة اليائسة من الحيض، والصغيرة التي لم تحض، إذا طلقتا فعدتهما ثلاثة أشهر.
ثانياً : المرأة الحامل تنقضي عدتها بوضع الحمل.
ثالثاً : تقوى الله تعالى تيسّر أمور المؤمن في الدنيا، وتكفّر السيئات، وتعظم الأجر في الآخرة.
رابعاً : المرأة المعتدة تسكن في منزل زوجها حتى تنقضي عدتها.
خامساً : على الرجل أن لا يضيّق على المعتدة في النفقة أو السكنى ليجبرها على الخروج من منزله.
سادساً : نفقة الحامل تستمر حتى تضع الحمل، وإن طالت المدة.
سابعاً : للمرأة الحق الكامل في أن تأخذ أجرة على إرضاع ولدها من الرجل.
ثامناً : الإنفاق يكون بحسب مال الرجل غنىً وفقراً.
تاسعاً : التكليف منوط بالقدرة التي مكّن الله بها عبده.
حكمة التشريع
الزواج هو الأساس في بناء المجتمع الإسلامي، والطلاق هو السبيل لقطع علاقات الزوجين بعضهما من بعض، ولكنَّ للزوجية آثاراً قد يتأخر ظهورها وقتاً، فجعل الله جلّ ثناؤه العدة تمكث المرأة فيها مدة من الزمن ينفق عليها مطلقها، ويسكنها في بيته، ليكون في أمان واطمئنان، وهي تحت نظره، إن ظهر حملها، فالولد ولده، وإن لم يظهر الحمل في مدة العدة، فلم يعد بين الرجل وزوجه أية علاقة تربطهما، هو بالنسبة إليها كسائر الرجال، وهي بالنسبة إليه كسائر النساء، لا تستطيع أن تطالبه بنسب، ولا نفقة، ولا غير ذلك.
وبهذا لم يظلم الإسلام المرأة حيث فرض لها النفقة، والسكنى ما دامت محبوسة لصالح الرجل، وأمن الرجل من جهة زوجه حيث كمثت مدة يتبين معها شغل رحمها أو فراغه.
وأما الحوامل فقد جعل الله تعالى عدتهن الوضع طال أمد الحمل بعد الطلاق أم قصر، وذلك لأن براءة الرحم بعد الوضع مؤكدة، فلا حاجة إلى الانتظار.
وأمر الله تعالى الرجال أن يسكنوا النساء مما يجدون هم من سكن، وما يستطيعونه حسب مقدرتهم وغناهم، لا أقل مما هم عليه في سكناهم، ونهاهم أن يعمدوا إلى الإضرار بهن بالتضييق عليهن في فسحة المسكن، أو في المعاملة أثناء إقامتهن.


الصفحة التالية
Icon