﴿ وَإِنَّ الشياطين لَيُوحُونَ إلى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ﴾ فالميتة حرام بالنص القاطع، وقد وردت أحاديث كثيرة تفيد تخصيص الميتة منها الأحاديث التالية :
أ - قوله ﷺ :« أُحِلّ لنا ميتتان ودمان : السمك والجراد، والكبد والطحال ».
ب - وقوله ﷺ في البحر :« هو الطهور ماؤه، الحلّ ميتته ».
ج - وفي « الصحيحين » عن جابر بن عبد الله أنه خرج مع ( أبي عبيدة بن الجراح ) يتلقى عيراً لقريش، وزودنا جراباً من تمر، فانطلقنا على ساحل البحر، فرفع لنا على ساحل البحر كهيئة الكثيب الضخم، فأتيناه فإذا هي دابة تدعى ( العنبر ) قال أبو عبيدة : ميتةٌ، ثم قال : بل نحن رُسُل رسول الله ﷺ وقد اضطررتم فكلوا، قال : فأقمنا عليه شهراً حتى سمنّا.. وذكر الحديث قال : فلما قدمنا المدينة أتينا رسول الله ﷺ فذكرنا ذلك له، فقال : هو رزقٌ أخرجه الله لكم، فهل معكم من لحمه شيء فتطعموننا؟ قال : فأرسلنا إلى رسول الله ﷺ منه فأكله.
د - وحديث ابن أبي أوفى « غزونا مع رسول الله ﷺ سبع غزوات نأكل الجراد ».
فقد خصَّص جمهور الفقهاء من الآية ميتة البحر للأحاديث السابقة الذكر، كما أباحوا أكل الجراد، إلاّ أن الحنفية حرموا الطافي من السمك وأحلّوا ما جزر عنه البحر لحديث « ما ألقى البحر أو جزر عنه فكلوه، وما مات فيه وطفا فلا تأكلوه ».
إلاّ أن المالكية أباحوا أكل ميتة السمك، وبقي الجراد الميت على تحريم الميتة : لأنه لم يصح فيه عندهم شيء.
قال القرطبي :« وأكثر الفقهاء يجيزون أكل جميع دوابّ البحر حيها وميتها، وهو مذهب مالك، وتوقف أن يجيب في خنزير الماء وقال : أنتم تقولون خنزيراً. قال ابن القاسم : وأنا أتقيه ولا أراه حراماً ».
الحكم الثالث : ما هي ذكاة الجنين بعد ذبح أمه؟
اختلف العلماء في الجنين الذي ذبحت أمه وخرج ميتاً هل يؤكل أم لا؟
ذهب أبو حنيفة : إلى أنه لا يؤكل إلا أن يخرج حياً فيذبح، لأنه ميتة وقد قال تعالى :﴿ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الميتة ﴾.
وذهب الشافعي وأبو يوسف ومحمد إلى أنه يؤكل، لأنه مذكى بذكاة أمه، واستدلوا بحديث « ذكاة الجنين ذكاة أمه ».
وقال مالك رحمه الله : إنْ تمّ خلقُه ونبت شعره أُكل وإلاّ فلا.
قال القرطبي :« إن الجنين إذا خرج بعد الذبح ميتاً يؤكل لأنه جرى مجرى العضو من أعضائها ».


الصفحة التالية
Icon