وجوه القراءات
قرأ الجمهور ( ولا تقتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقتلوكم فيه، فإن قتلوكم فاقتلوهم ) بالألف في ( تقاتلوهم ) و ( يقاتلوكم ) و ( قاتلوكم ) وقرأ حمزة والكسائي، وخلف بحذف الألف فيهن ( ولا تقتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقتلوكمفيه، فإن قتلوكم ).
قال الطبري :« وأولى هاتين القراءتين بالصواب قراءة من قرأ ( ولا تقاتلوهم ) لأن الله تعالى ذكره لم يأمر نبيه ﷺ وأصحابه في حال إذا قاتلهم المشركون بالاستسلام لهم ».
وجوه الإعراب
أولاً : قوله تعالى :﴿ كَذَلِكَ جَزَآءُ الكافرين ﴾.
قال العكبري :( كذلك ) مبتدأ، و ( جزاء ) خبره، والجزاء مصدر مضاف إلى المفعول، ويجوز أن يكون في معنى المنصوب ويكون التقدير : كذلك جزاء الله الكافرين.
ثانياً : قوله تعالى :﴿ حتى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ ﴾ حتّى بمعنى ( كي ) ويجوز أن تكون بمعنى إلى أن، وكان تامة، والمعنى : وقاتلوهم إلى أن لا توجد فتنة.
ثالثاً : قوله تعالى :﴿ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظالمين ﴾ عدوان : اسم ( لا ) والجملة ( إلا على الظالمين ) في موضع رفع خبر ( لا ) قال العكبري : ففي الإثبات يقول : العدوان على الظالمين، فإذا جئت بالنفي وإلاّ بقي الإعراب على ما كان عليه.
لطائف التفسير
الطيفة الأولى : لا يذكر في القرآن الكريم لفظ ( القتال ) أو ( الجهاد ) إلا وهو مقرون بعبارة ( سبيل الله ) وذلك يدل على أن الغاية من القتال غاية مقدسة نبيلة هي ( إعلاء كلمة الله ) لا السيطرة أو المغنم، أو إظهار الشجاعة، أو الاستعلاء في الأرض، وقد وضّح هذه الغاية النبيلة قوله عليه السلام :« من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ».
اللطيفة الثانية : قال الزمخشري عند قول الله تعالى :﴿ والفتنة أَشَدُّ مِنَ القتل ﴾ أي المحنة والبلاء الذي ينزل بالإنسان يتعذب به أشد عليه من القتل، وقيل لبعض الحكماء : ما أشدّ من الموت؟ قال : الذي يتمنى فيه الموت.. جعل الإخراج من الوطن من الفتن والمحن التي يتمنى عندها الموت، ومنه قول القائل :
لقتلٌ بحدّ السيف أهون موقعاً | على النفس من قتلٍ بحد فِراق |
قال الإمام الفخر : فإن قيل : لم سمّى ذلك القتل عدواناً مع أنه حقٌ وصواب؟
قلنا : لأن ذلك القتل جزاء العدوان، فصحّ إطلاق اسم العدوان عليه كقوله تعالى :﴿ وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ﴾ [ الشورى : ٤٠ ].
قال الزجاج : والعرب تقول : ظلمني فلان فظلمته أي جازيته بظلمه.