- وتقول: "زيد المنطلق" لمن عرف وقوع الانطلاق لكنه يجهل ممن هو فإن أردت التأكيد قلت: "زيد هو المنطلق" بزيادة ضمير الفصل، ولما أفهم التعريف الحصر منعوا العطف نحو: "زيد المنطلق وعمر" فإذا كان الانطلاق منهما جمع بينهما في الخبر نحو: "زيد وعمرو هما المنطلقان".
- وإذا قلت: "المنطلق زيد" فالمعنى أنك رأيت إنسانا لبعد منك ينطلق ولم تعرف أنه زيد، فيقول لك صاحبك: "المنطلق زيد".
٢- "أل" في الخبر ووجوهها:
"أل" في الخبر على معنى الجنس، وتجيء على أربعة أوجه:
١- المبالغة، أي تقصر جنس المعنى على المخبر عنه، نحو: "زيد هو الجواد" أي هو الكامل في الجود (١).
٢- أن تريد أنه لا يوجد إلا منه، فتقصر المعنى عليه لا على وجه المبالغة، كقولك هو الوفي حين لا تظن نفس بنفس خيرا فإن المقصور هو الوفاء في هذا الوقت لا الوفاء مطلقا.
٣- أن يقره في جنس اتضح أمره بحيث لا يخفى كقول الخنساء في رثاء صخر:

إذا قبح البكاء على قتيل رأيت بكاءك الحسن الجميلا
أرادتْ أن تُقِرَّهُ في جنسِ ما حسنهُ الحسن الظاهرُ الذي لا يُنكِره أحد ولا يشك فيه شاك.
٤- التعريف لحقيقة عقلها المخاطب في ذهنه لا في الخارج، نحو: "هو البطل الحامي" كأنك تريد أن تقول لصاحبك: هل سمعت بالبطل الحامي، وهل حصلت معنى هذه الصفة، وكيف ينبغي أن يكون الرجل حتى يستحق أن يقال له ذلك، فإن أردت العلم بذلك فعليك بهذا الرجل، فإنه بغيتك.
٣- تقديم الخبر على المبتدأ مع كونهما معرفتين:
ليس كل معرفة يمكن الابتداء به، يدل على ذلك قول أبي تمام: "لعاب الأفاعي القاتلات لعابه".
فلو جعلت "لعاب الأفاعي" مبتدأ لأفسدت المعنى، إذ غرضه تشبيه مداد قلمه بلعاب الأفاعي في إتلاف النفوس.
(١) فتخرج الكلام في صورة توهم أن الجود لم يوجد إلا فيه لعدم الاعتداد بجود غيره لقصوره عن رتبة الكمال.


الصفحة التالية
Icon