ذلك في القرآن كله، وموضوع علم التجويد النطق بهذه الحروف والكلمات كيف
تنطق بها على الوجه الصحيح، وقد قالت طائفة من أهل العلم، بل موضوع علم
التجويد النطق بحروف وكلمات الكتاب والسنة، فجعلوا الحديث كالقرآن،
والسبب أن الحديث أيضا لا يجوز اللحن فيه كالقرآن، فالحديث لا يجوز
تعمد اللحن فيه، ولهذا إذا لحن فيه إنسان يجب عليك أن تصحح لحنه
كالقرآن إذا لحن إنسان في القرآن وجب عليك التصحيح له، إلا إذا كان ذلك
أكثر من أن تستطيع تصحيحه فلا بد أن تأمره بالعدول عن تلك الطريقة في
القراءة أصلا، ولهذا قال أحمد بن حنبل رحمه الله: إن اللاحن في الحديث
يخشى عليه أن يدخل في قول النبي r: «من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده
من النار»
وفي قوله: «من يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار»
لأن النبي r لا يلحن وهذا القارئ نسب إليه هذا الكلام فجعله من قوله
وهو لحن والنبي r لا يلحن، لكن الراجح أن التجويد يختص بالقرآن، ولذلك
فما يتعلق بالمحسنات اللفظية من الغنة والقلقلة وغيرها إنما هو مختص
بالقرآن ولا دخل للحديث فيه، فلا يطلب تجويده كما يجود القرآن، أما
واضعه وهو أول من وضع هذا العلم فقد ذكر كثير من أهل التجويد أنه هو
أبو عمر حفص بن عمر الدوري، وهو أحد الرواة في القراءات وهو الرواي عن
أبي عمرو البصري وهو الراوي أيضا عن الكسائي، فهو درس في الكوفة فدرس
على الكسائي وأتقن قراءته، ودرس في البصرة على اليزيدي فروى عنه قراءة
أبي عمرو بن العلاء، فأبو عمرو بن العلاء راوياه السوسي والدوري،
والكسائي راوياه الدوري أيضا وأبو الحارث، وقد توفي رحمه الله بالدور
وهي محلة بشرق بغداد في عام مائتين وستة وأربعين من الهجرة، فهو أول من
وضع هذه المصطلحات ونظمها، وأول من ألف في هذا العلم وهو علم التجويد
وأفرده عن غيره من العلوم كعلم القراءة وعلوم اللغة هو الإمام موسى بن
عبيد الله بن يحيى الخاقاني، وقد توفي سنة ثلاثمائة وخمس وعشرين من


الصفحة التالية
Icon