فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم}،
﴿وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة﴾ فهي في
الموضعين مفصولة، أي ما مفصولة عن حيث، فلهذا قال: حيثما، واقتصر على
ذلك لأنها لم ترد إلا في هذين المكانين وقد فصلها الصحابة فيهما، فلا
إشكال إذن، ثم بعد هذا قال: وأنْ لم المفتوح يقصد "أنَْ " المفتوحة
فهي تفصل عن لم في موضعين لا يوجد في القرآن سواهما وهما: ﴿أيحسب أن لم
يره أحد﴾ في سورة البلد، والأخرى ﴿ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم﴾
هذان موضعان فقط تفصل فيهما، قال: وأن لم المفتوح أي وتقطع أن عن لم،
تقطع أن المفتوحة الهمزة عن لم وذلك في الموضعين السابقين، وهنا
بالنسبة لِ: إنْ المكسورة فإنها أيضا توصل بلم، وذلك في موضع واحد،
وهو: ﴿فإلم يستجيبوا لكم﴾ وتقطع عنها فيما سوى ذلك من المواضع نحو ﴿فإن
لم تفعلوا ولن تفعلوا﴾، كسر إنما الانعام يقول إن "إنْ " المكسورة
تفصل عن ما الموصولة في موضع واحد بلا خلاف وهو في سورة الأنعام، وهو
قول الله: ﴿إن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين﴾ وتفصل كذلك في موضع آخر
على الخلاف، وهو قوله تعالى ﴿إنما عند الله هو خير لكم﴾ في سورة النحل،
ففيها خلاف بين الوصل والقطع، وما عدا ذلك فهي موصولة بلا خلاف، كقوله
تعالى: ﴿إنما صنعوا كيد ساحر﴾ ومثل قوله تعالى: ﴿إنما الله إله واحد﴾
وقوله تعالى: ﴿إنما توعدون لواقع﴾ التي في سورة المرسلات، وكذلك التي
في سورة المرسلات: ﴿إنما توعدون لصادق﴾ فكلها موصولة، فالمفصولة إذن هي
﴿إنما توعدون لآت﴾ في سورة الأنعام، هذه محل اتفاق، والمختلف فيه أيضا
هو موضع واحد وهو: ﴿إنما عند الله هو خير لكم﴾ في سورة النحل، فلهذا
قال: إنما الانعام والمفتوح يدعون معا والمفتوح أي إن أن المفتوحة
المشددة تقطع عن ما في موضعين بلا خلاف، وفي موضع آخر بالخلاف،