﴿وجنت نعيم﴾ في سورة الواقعة، فلذلك قال: قرة عين جنة في وقعت أي لفظ
جنة الذي ورد في سورة إذا وقعت وهي سورة الواقعة، وذلك في موضع واحد
وهو قول الله تعالى: ﴿وجنت نعيم﴾ وما عداها فهو بالهاء، كقوله تعالى:
﴿جنة نعيم﴾ في سورة المعارج فهي مرسومة بالهاء لا بالتاء، وسبب رسم هذه
التي في الواقعة بالتاء أنها قرئت في غير العشرة قرئت في الشواذ
بالجمع، قرئت فيها ﴿وجنات نعيم﴾ والجنة إذا أطلقت بالإفراد فالمقصود
بها الجنس، وإذا جمعت فالمقصود درجاتها فهي منازل كثيرة كما تقرؤون في
سورة الرحمن: ذكر الجنتين العليين والجنتين اللسفليين، وفي سورة
الواقعة أيضا ذكر ما للمقربين ثم ما لأصحاب اليمين وكلاهما له جنة، وقد
صح عن النبي r «إن أهل الجنة ليتراءون الغرف كما يتراءى أهل الأرض
الكوكب الدري في السماء»
ولذلك حين جاءت أم حارثة إلى النبي r وقد قتل
ابنها حارثة وهو صغير قبل بلوغه أو عند بلوغه قتل يوم بدر شهيدا، فقالت
يا رسول الله: أخبرني عن ابني حارثة أفي الجنة هو فأصبر أم في غير ذلك
فترى ما أصنع، فقال: أوجنة هي، إنما هي جنان وابنك في الفردوس الأعلى
منها. قرة عين جنة في وقعت.
ثم ذكر كلمة أخرى، وهي: فطرة، فإنها لم تأت إلا في موضع واحد، وقد رسمت
فيه بالتاء، ولذلك لا يحتاج إلى ذكره لأنه موضع واحد، لم يتكرر، وهو
قول الله تعالى: ﴿فطرت الله﴾ في سورة الروم فلا ثاني له في القرآن وقد
رسم بالتاء، ﴿فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها﴾
هذا موضع واحد في القرآن كله وقد رسمت فيه بالتاء، فلذلك قال: فطرت
كذلك بقيت يقصد أن بقية كذلك رسمت بالتاء في موضع واحد في القرآن ولم
تأت في القرآن مرسومة بالتاء في غير هذا الموضع وهو في سورة هود: ﴿بقيت
الله خير لكم إن كنتم مؤمنين﴾
وما عدا ذلك فهي بالهاء، كقول الله
تعالى: {فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في


الصفحة التالية
Icon