قلت: أقرأت فلانا القرآن أو أقرأت الصبي القرآن تعدى لمفعولين بالهمزة،
ومعنى ذلك علمته قراءته، والقرآن هو الكتاب المنزل على محمد r للإعجاز
بسورة منه المتعبد بتلاوته باقي التلاوة الذي نقل إلينا تواترا، وهذا
التعريف مخرج للشواذ ومخرج لما نسخ لفظه ولو بقي حكمه، وسمي قرآنا
لجمعه، فقرأ الشيء إذا جمعه، ومنه قول: عمرو بن مضاض الجرهمي: «صاح هل
ريت أو سمعت براع** رد في الضرع ما قرى في الحلاب»
ما قرى في الحلاب أي
ما جمع فيه، والقراءة إنما هي جمع الحروف في النطق، ومقرئي القرآن،
فإذا كان جمعا شمل ذلك كل من أقرأ القرآن في أي عصر من العصور، وكذلك
إذا كان مفردا فالمقرئ الواحد إذا أضيف إلى المعرفة وهو القرآن شمل،
وهو من ألفاظ العموم لأن النكرة إذا أضيفت إلى المعرفة تعم، كقول الله
تعالى: &#٦٤٨٣١; يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما
ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات
خالاتك&#٦٤٨٣٠; فالعم هنا مفرد والخال مفرد، ولكن حين أضيف إلى الضمير وهو
معرفة عم، فكان من ألفاظ العموم، ونظير هذا قول الشاعر: «بها جيف
الحسرى فأما عظامها** فبيض وأما جلدها فصليب»
جلدها أي جلودها ولا يقصد
بها جلد واحد، لأن الحسرى معناه الجيف ليس لها جلد واحد، ولكن أضيف
الجلد الذي هو نكرة إلى المعرفة فعم، فكذلك هنا مقرئ القرآن إذا كان
مفردا فقد أضيف إلى المعرفة فعم كل مقرئ له، "مع محبه " أي مع محب
القرآن، وهذه يتعين إفرادها، هذا اللفظ قطعا مفردا ليس مثل مقرئ لأن
مقرئ يمكن أن تكون فيها ياء محذوفة لالتقاء الساكنين، والتقاء الساكنين
إن كانا صحيحين كسر أولهما وإن كان أحدهما لينا يحذف، «إن ساكنان
التقيا اكسر ما سبق** وإن يكن لينا فحذفه أحق»
{وقالا الحمد لله الذي
فضلنا على كثير من عباده المؤمنين» قالا الحمد لله حذف الألف، فأصل


الصفحة التالية
Icon