ورافديه فزاريا أحذ يد القميص أي مقطوع يد القميص، مُكَمَّلًا هذا حال
أي حال كونك في اللفظ به تكمله، من غير ما تكلف: لابد من التأكيد على
عدم التكلف في النطق بالحروف كلها، فالتكلف كما سبق مناف للأمر، فالله
تعالى يقول: ﴿وما أنا من المتكلفين﴾ فعلى الإنسان أن يتعود النطق من
غير تكلف، وإذا تعود الإنسان ذلك سهل عليه فكان يجري منه مجرى النفس،
من الناس من يتكلف فإذا نطق بالياء شددها حتى تكون كالجيم، يقول: إياك،
فيسمع فيها صوت الجيم بسبب التشديد، فهذا النوع هو من التكلف المذموم
شرعا، مكملا من غير ما تكلف باللطف أي لا بد أن يكون نطق الإنسان به
لطيفا، أن يتلطف في النطق به، وقد سبق ما يتعلق بالجهر في الصوت، وأن
عمر قال للرجل: أما تختشي يا هذا أن تنشق بريداؤك، باللطف في النطق بلا
تعسف في النطق به أي في حال النطق به، التعسف هو والتكلف متقاربان لكن
التعسف يكون في المعنويات لأنه قطع للمسافات وتجاوز للطريق، والتكلف هو
لزوم ما فيه كلفة والكلفة هي المشقة، فيقال: تكلف فلان كذا أي وصل فيه
إلى حد المشقة، ومنه التكليف في الشرع هو إلزام ما فيه كلفة أو طلب ما
فيه كلفة، وأما التعسف فهو في الأصل قطع المسافة وتجاوز الطريق، ومنه
قول غيلان:
قد أعسف النازح المجهول معسفه** في ظل أغضف يدعو هامه البوم
للجن بالليل في حافته زجل** كما تناوح يوم الريح عيشوم
هَنَّا وهِنَّا ومن هُنَّا لهن بها** ذات الشمائل والأيمان هينوم
فهنا قال: قد أعسف النازح المجهول معسفه، معناه قد أقطع الخرق وهو
القفر من الأرض المجهول معسفه الذي يجهل الناس كيف يقطعونه، يجهلون
مكان قطعه.
وليس بينه وبين تركه** إلا رياضة امرئ بفكه
يقول إن التجويد سهل جدا، وإعطاء كل حرف حقه ومستحقه أمر سهل ميسور ليس
بين فعله وتركه إلا أن يتريض الإنسان عليه بفكه أي بحنكه، فالفكان هما
الحنكان الأعلى والأسفل، والمقصود هنا بالفك الأسفل فقط لأنه الذي


الصفحة التالية
Icon