تكلم بعض العلماء على هذا الحديث وضعفه، ولكن المؤلف يرى أن إسناده جيد وهو الظاهر، لأنه وافق القاعدة العامة في الشريعة في أن الإنسان يحكم بكتاب الله، فإن لم يجد فبسنة رسول الله ﷺ ؛ لأن في السنة أشياء لم يفسرها القرآن، ولا تجدها ظاهرة في القرآن، فلابد من الرجوع إلى السنة. أما إذا كانت لا في هذا و لا في هذا فالإنسان (( يجتهد رأيه)) وليس المعنى أنه يحكم برأيه، لكن المعنى أن يجتهد في تطبيق الواقعة والحادثة على نصوص الكتاب والسنة، وبهذا يكون هذا الحديث مطابقاً للقواعد العامة في الشريعة، والذين ضعفوه ظنوا أن قوله: (( فإن لم تجد فبسنة رسول الله))، أن تكون السنة في مرتبة متأخرة عنه، وظنوا أيضاً أن قوله :(( أجتهد رأيي)) يعنى: أحكم بالرأي وليس كذلك.
وإذا سأل سائل : هل السنة تنسخ القرآن؟
فالجواب: أننا نقول إذا صحت نسخت القرآن، لكن ليس لهذا مثال سليم.
وأما قول النبي صلي الله عليه وسلم :(( لا وصية لوارث))(٨٢) فهذا المثال خطا؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (( إن الله أعطى كل ذي حق حقه))(٨٣)، فبين في هذا الحديث الناسخ فقط، يعني كأنه يقول الآن الفرائض كفتكم الوصية.
ثم لو تنزلنا تنزيلاً كاملاً فهذا الحديث لم ينسخ الآية، ولو فرضنا أن الرسول قال لا وصية لوارث فقط فما نسخ الآية، لأن الآية في ذلك تقول: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ )(البقرة: ١٨٠)، وهذا تخصيص وليس نسخاً؛لأن الأقربين غير الوارثين الوصية باقية فيهم. فهو تخصيص، يعني لو تنزلنا تنزلاً كاملاً مع هؤلاء فليس هذا بنسخ ولكنه تخصيص، والمهم أن هذا المثال لا يصح علي أي تقدير.
* * *