وهنا نكتى في مسألة العدد، فالله قال: ( سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُم)، ولم يقل: ثمانية ثامنهم كلبهم، لأن الكلب من غير الجنس، وإذا كان من غير الجنس فإنه لا يدخل في العدد، ولكنه يجعل بعده، ولهذا قال الله عز وجل: ( مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ ) ولم يقل من نجوي أربعة إلا هو رابعهم؛ لأنه خالق وهم مخلوقون.
وقوله: ( فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِراً )، فسره المؤلف رحمه الله بأن المعنى لا تجهد نفسك في التعمق والجدال في عدتهم، لأنه لا طائل تحته، وهكذا يمر أحياناً في الأحاديث إبهام الرجل صاحب القضية، فيقال: قال الرجل، أو أتى الرجل، أو دخل أعرابي، أو ما أشبه ذلك. فتجد بعض الناس يتعب نفسه في تعيين ذلك الرجل مع أنه لا طائل تحت ذلك، فيشتغل بالمهم إن كان مهما عن الأهم، والأولى لطالب العلم ألا يضيع الوقت في مثل هذه الأمور التي فائدتها قليلة بالنسبة لغيرها، أو ربما أنها لا فائدة فيها إطلاقاً.
والحاصل أن أصحاب الكهف عدتهم سبعة وثامنهم كلبهم، وقد مر علينا أنهم لبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازداوا تسعاً.
ومثال ذلك الاختلاف في عصا موسى من أي شجرة كانت، وكذلك الاختلاف في الجزء الذي ضربوا به الميت القتيل، كل هذا لا طائل تحته ولا فائدة لنا.
* * *
(٨٠) رواه أبو داود، كتاب السنة باب في لزوم السنة، (٤٦٠٤).
(٨١) رواه أبو داود، كتاب الأقضية باب اجتهاد الرأي في القضاء، (٣٥٩٢، ٣٥٩٢)، والترمذي، كتاب الأحكام باب ما جاء في القاضي كيف يحكم (١٣٢٧)،( ١٣٢٨).
(٨٢) رواه البخاري، كتاب الوصايا باب لا وصية لوارث، بدون رقم.
(٨٣) رواه ابو داود، كتاب البيوع، باب في تضمين العور، (٣٥٦٥)، والترمذي: كتاب الوصايا باب ما جاء لا وصية لوارث، (٢١٢٠)، وابن ماجه، كتاب الوصايا باب لا وصية لوارث، (٢٧١٣).
(٨٤) رواه البخاري، كتاب الوضوء، باب وضع الماء عند الخلاء، (١٤٣)، ومسلم، كتاب فضائل الصحابة باب فضائل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، (٢٤٧٧).
(٨٥) رواه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء باب ما ذكر عن بني إسرائيل، (٣٤٦١).
**************