وقوله عز وجل: ( وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِه) أي : المعنوية ؛ لأن القرآن هدايته معنوية، فيخرجهم من الظلمات أي: ظلمات الجهل، وظلمات القصد، وظلمات الجهل ألا يكون عند الإنسان علم، وظلمات القصد أن يكون عنده علم لكن لا يريد الحق ولا يؤمن به، إذاً فالنور نور العلم ونور العمل.
وقوله: ( بِإِذْنِه) في الآية:(يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ) قد يقول قائل: كيف قال الله تعالى يهدي به بإذنه مع أن الله تعالى لا يهدي إلا بعد أن يريد؟ فيقال: إن قوله: ( بِإِذْنِه) متعلق بقوله :((مَنِ اتَّبَعَ )) يعني من اتبع رضوانه بإذنه؛ لأن الإنسان لا يستقل بعمله ولا رأيه، فهو لا يفعل إلا بإذن الله.
وقوله تعالي: ( وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)، هذا من باب عطف الصفة، لأن قوله (يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ ) هو معني قوله تعالي :(وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) إلا أن تفسر الهداية الأولي بهداية التوفيق، والثانية بهداية الدلالة، ولهذا عديت الثانية بإلي وعديت الأولي بنفسها، ويكون المعني: أن من اهتدي بالإسلام زاده الله تعالي علماً، كما في قوله تعالي: (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً)(محمد: ١٧).
* **
وقال تعالي: (الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ(١)اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ )(ابراهيم: ١-٢).
الشرح