قد سبق لنا أن يوم القيامة كان مقداره خمسين ألف سنة كما في سورة المعارج في قوله تعالى: ( فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً) وبينه الرسول عليه الصلاة والسلام في حديث أبي هريرة في مسلم (٩٢)، في مانع الزكاة أنه يعذب بها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، وأما التي في سورة السجدة: ( فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) فهذا - والله أعلم- في الدنيا؛ لأنه قال :(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) وأما قوله تعالي :( وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ)(الحج: ٤٧) فما دام عند الله، فنحن لا نعلمه، وهذا اليوم الله أعلم به.
* * *
وقال ابن جرير: حدثني يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا ابن علية عن مهدي بن ميمون عن الوليد بن مسلم قال: جاء طلق بن حبيب إلى جندب بن عبد الله فسأله عن آية من القرآن فقال: أحرج عليك إن كنت مسلما لما قمت عني، أو قال: أن تجالسني.
الشرح
وهذا محمول على الورع وعدم المضى في التكلم في معني كلام الله عز وجل، وإلا فليس المعني إذا جاء رجل فسأل عن معني آية تقول له: لا تجلس عندنا، أو قم، أو ما أشبه ذلك. ولمن بناء على شدة تحريهم وتحرجهم كانوا يقولون مثل هذا.
وقال مالك عن يحيي بن سعيد عن سعيد بن المسيب : إنه كان إذا سئل عن تفسير آية من القرآن قال: إنا لا نقول في القرآن شيئاً.
وقال الليث عن يحيي بن سعيد عن سعيد بن المسيب: إنه كان لا يتكلم إلا في المعلوم من القرآن.
وقال شعبة عن عمرو بن مرة قال: سأل رجل سعيد بن المسيب عن آية من القرآن فقال: لا تسألني عن القرآن وسل من يزعم أنه لا يخفى عليه منه شيء يعني عكرمة.