وقال أنس: كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جدً في أعيننا (٢)
الشرح
يعني صار جليلاً معظماً؛ لأنهم لا يحفظونه إلا إذا عرفوا معناه، معني ذلك أن الإنسان إذا كان يحفظ البقرة لفظاً ومعنى، وآل عمران لفظاً ومعنى، فعنده علم كبير.
* * *
وأقام ابن عمر على حفظ البقرة عدة سنين- قيل: ثماني سنين- ذكره مالك (٣)وذلك أن الله تعالي قال: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) (صّ: ٢٩) وقال: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآن)(محمد: ٢٤)، وقال: (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْل)(المؤمنون: ٦٨) وتدبر الكلام بدون فهم معانيه لا يمكن، وكذلك قال تعالي: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (يوسف: ٢) وعقل الكلام متضمن لفهمه.
الشرح
قوله تعالي: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ) فبركة القرآن في تلاوته وتدبره، والعمل به، وما يحصل فيه من التأثير على القلب لزيادة الإيمان، ومعرفة الله عز وجل وأسمائه وصفاته وأحكامه، وكذلك ما حصل فيه من التأثير على الأمم، حيث فتح الله بهذا القرآن مشارق الأرض ومغاربها كل هذا من بركاته، وكذلك ما حصل للمتمسكين به من الرفعة والعزة والظهور على جميع الأمم، وكذلك ما يحصل للمتمسك به من صحة القصد، وسلامة المنهج، والسعادة في الدنيا والآخرة، فالمهم أن بركات هذا القرآن لا تحصى.
وقوله: (لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)، هذا فيه ثناء عظيم على من تذكر بالقرآن واتعظ به، وأنه هو صاحب اللب، أي العقل.


الصفحة التالية
Icon