واختلاف التنوع يمكن الجمع فيه بين القولين المختلفين؛ لأن كل واحد منهما ذكر نوعاً، والنوع داخل في الجنس، وإذا اتفقا في الجنس فلا اختلاف.
وعلى ذلك فاختلاف التضاد معناه أنه لا يمكن الجمع بين القولين لا بجنس ولا بنوع، ولا بفرد من باب أولى، واختلاف التنوع معناه أنه يجمع بين القولين في الجنس ويختلفان في النوع، فيكون الجنس اتفق عليه القائلان ولكن النوع يختلف، وحينئذ لا يكون هذا اختلافاً ؛ لأن كل واحد منهما ذكر نوعاً كأنه على سبيل التمثيل.
وسيذكر المؤلف أمثلة لذلك، لكننا لا بد لنا أن نعرف الفرق بين اختلاف التنوع واختلاف التضاد.
* * *
أحدهما : أن يعبر كل واحد منهم عن المراد بعبارة غير عبارة صاحبه تدل على معنى في المسمى غير المعنى الآخر مع اتحاد المسمى، بمنزلة الأسماء المتكافئة التي بين المترادفة والمتباينة.
الشرح
اختلاف التنوع جعله المؤلف صنفين:
الأول: أن يعبر كل واحد منهم عن المراد بعبارة غير عبارة صاحبه، والضمير في قوله: (( منهم)) هنا يعود على الصحابة، بل على السلف أعم، ليشمل الصحابة والتابعين، فيعبر بعبارة غير عبارة صاحبه، لكن تدل على معني في المسمى غير المعنى الآخر مع اتحاد المسمى، فهما اتفقا على المراد لكن عبر كل واحد منهما عنه بتعبير غير الأول، وإلا فهما متفقان، كما لو قال قائل في تعريف السيف: هو المهند، وقال الثاني: السيف هو الصارم، وقال الثالث: السيف ما تقطع به الرقاب، وما أشبه ذلك، فهذا في الحقيقة ليس بخلاف.
وكذلك لو قال إنسان : الغضنفر الأسد، وقال الثاني: الغضنفر القسورة، وقال الثالث: الغضنفر الليث، وما أشبه ذلك، فليس هذا خلافاً ولا تنوعاً أيضاً، لكن كل لفظه تدل على معني لا تدل عليه اللفظة الأخرى والمسمى واحد.
وهذا هو المقصود بعبارة المؤلف :( أن يعبر كل واحد منهم عن المراد بعبارة غير عبارة صاحبه تدل على معني في المسمي غير المعني الآخر مع اتحاد المسمي).