ثم نقول لهم: هب أننا تنازلنا معكم، لكن أنتم تقولون: إننا لا نقول: إنه موجود ولا غير موجود، فنفيتم عنه الوجود والعدم، وهذا مستحيل باتفاق العقلاء، لأن المقابلة بين الوجود والعدم مقابلة بين نقيضين يجب إذا ارتفع أحدهما أن يثبت الآخر، وأنتم تقولون: لا يجوز أن نقول: إن الله موجود، ولا يجوز أن نقول: إن الله ليس بموجود فإذا قلت: إنه موجود فقد ألحدت، وإن قلت: معدوم، فقد ألحدت، وهذا غير ممكن، ونقول: الآن شبهتموه بالمستحيلات والمتنعات التي لا يمكن وجودها.
فهذا مذهب الباطنية في الله عز وجل، يقولون: لا يمكن أن نثبت لله اسماً ولا معنى بل ننفي عنه النقيضين.
والآخرون- وهم المعتزلة وأهل الظاهر الذين يغالون في إثبات الظاهر- يقولون : إنا نثبت الاسم لكن لا نثبت له معني، ونقول هذه الأسماء مجرد أعلام فقط، أي سميع بلا سمع، وعليم بلا علم، ورحيم بلا رحمة وهكذا، أي مجرد علم، كما أنك تقول لهذا الرجل محمد وهو مذمم ما فيه خصلة حميدة، وتقول لهذا الرجل عبد الله وهو من أكفر عباد الله ينكر وجود الله.
إذاً معنى قولنا: عبد الله مجرد علم يعين مسماه فقط، فهم يقولون : إن أسماء الله هكذا أعلام محضة، ليس لها معنى ولا تحمل معنى إطلاقاً.
وهذا الكلام الذي جاء به المؤلف جاء به استطراداً وليس له دخل في التفسير؛ لأنه قال: (( وليس هذا موضع بسط ذلك)) اللهم إلا أن يقال : قد يدخل في التفسير من حيث إن في القرآن أسماء كثيرة لله عز وجل.
١* *
وإنما المقصود أن كل اسم من أسمائه يدل على ذاته وعلى ما في الاسم من صفاته، ويدل أيضاً على الصفة التي في الاسم الآخر بطريق اللزوم.
الشرح


الصفحة التالية
Icon