وكذلك إذا لم يعرف ما نواه المطلق رجع إلي سبب الطلاق، فمثلاً لو أن رجلاً رأى مع امرأته شخصاً فظنه أجنبياً، فقال لها: أنت طالق. بناء على أن الرجل الذي معها أجنبي، ثم تبين أنه أخوها فإنها لا تطلق؛ لأنه كأنه قال: أنت طالق لأنك صاحبتي رجلاً أجنبياً، وكذلك أيضاً الحالف لو قال: والله لا أزور فلاناً، لأنه قيل له إن الرجل فاسق، ثم تبين له أنه ليس بفاسق، فإنه لا بأس أن يزوره ؛ لأن السبب في حلفه هذا أنه رجل فاسق، ثم تبين له بعد ذلك أنه ليس بفاسق فإذا زاره، فإنه لا يحنث؛ لأن السبب كالمشروط فكأنه قال والله لا أزوره لأنه فاسق، فيكون هذا السبب كأنه مشروط، وبهذا لا يكفر لأنه زال حكم اليمين، فلو قال: والله لا أزوره بناء على أنه فاسق، فتبين أنه ليس بفاسق، فهذا يزوره ولا شيء عليه؛ لأن اليمين انحلت فتبين أنها غير مرادة، وهذه قاعدة تنفعك في باب الأيمان وفي باب الطلاق، أن ما بني على سبب فتبين زوال السبب فلا حكم له، لكن لو قال الحالف أنا نويت والله لا أزور فلاناً مطلقاً، لا أزوره لشخصه، سواء كان فاسقاً أم عدلاً، فإذا زاره حنث لأننا هنا علمنا مراده.
والقاعدة في ذلك: أن كل لفظ بني على سبب فتبين انتفاء ذلك السبب فإنه لا حكم له.
والمسبب هو الآية النازلة أو الحديث الوارد، فمثلاً: سبب نزول آية اللعان قذف هلال بن أمية زوجته بشريك بن سحماء (٩) فهذا هو السبب، والمسبب الذي حصل من أجل هذا السبب هو نزول الآية. فورود الحديث ونزول الآية هذا هو المسبب. فالآية أو الحديث قد يكون معناها خفياً إلا إذا عرفت سبب النزول.
* * *
وقولهم :(( نزلت هذه الآية في كذا)) يراد به تارة أنه سبب النزول.
الشرح
المؤلف رحمه الله دائماً يستطرد في مؤلفاته، فهنا استطرد للتعبير عن سبب النزول، وهو ثلاثة أنواع: