وقد ذكر أن سورة الفاتحة نزلت مرة في مكة، ومرة في المدينة، والله أعلم. لكن الكلام على أنه إذا تعدد ذكر الأسباب الصريحة في نزول الآية فإنها تحمل عل أحد أمرين: إما أن الأسباب متعددة والنزول واحد، وإما أن الأسباب متعددة والنزول متعدد. هذا إذا كان كل من الصيغتين صريحا في النزول، أما لو قال أحدهم: (( نزلت في كذا)) وقال الآخر: (( كان كذا فنزلت الآية)) فمعلوم أننا نقدم الثاني؛ لأنه ظاهر، وكذلك لو قال أحدهم: (( سبب نزولها كذا)) والآخر قال: (( نزلت في كذا)) فإننا نقدم الذي قال: (( سبب نزول الآية )) لأنه صريح.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الأول الذي ذكر صريحاً فهو قطعاً سبب النزول، وأما الثاني فنقول: هذا ذكر للمعنى يعني أن هذا الشيء داخل في معناه، مثل لو قيل إن قوله تعالي: (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ(٤)الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) (الماعون: ٤، ٥)، نزلت هذه الآية في الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، فليس معناها أنه كان تأخير الصلاة عن وقتها سبباً لنزولها ؛ بل معناها الظاهر المتبادر أن هذا هو المراد من الآية، فيكون مثل هذا القول تفسيراً وليس ذكراً لسب النزول.
* * *
وهذان الصنفان اللذان ذكرناهما في تنوع التفسير- تارة لتنوع الأسماء والصفات، وتارة لذكر بعض أنواع المسمى وأقسامه كالتمثيلات هما الغالب في تفسير سلف الأمة الذي يظن أنه مختلف.
الشرح
مثال لما ذكره المؤلف رحمه الله من تنوع الأسماء والصفات مثل صارم، ومهند، ومسلول، وسيف وما أشبه ذلك، وتارة لذكر بعض أنواع المسمى، مثل تفسير: ( فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ )، حيث فسر بعضهم هذا بالمصلين وهذا فسره بالمتصدقين..
* * *


الصفحة التالية
Icon