يعنى الذين قالوا: إن معنى قوله تعالي: (يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْراً) أي: تتحرك، يقول هذا تقريباً، لأن المور حرك خفيفة سريعة وليست مطلق حركة، كذلك إذا قال الوحي هو الإعلام. أوحى الله إلى نبيه يعني أعلمه بكذا، فهذا أيضاً تفسير تقريبي، أو قال: (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيل) يقول: أي أعلمنا إليهم، هذا أيضاً تقريبي؛ لأن معني قضينا إليهم أخص من أعلمنا؛ لأن معناها قضينا إليهم، يعني قضاء قدرياً واصلاً إليهم فهو ليس بمعنى مجرد الإعلام.
وبين المؤلف ذلك فقال: (( فإن الوحي هو إعلام سريع خفي. والقضاء إليهم أخص من الإعلام فإن فيه إنزالاً إليهم وإيحاء إليهم والعرب تضمن الفعل معني الفعل وتعديه تعديته)) وهذا معروف وهو التضمين، بأن يضمن فعل معني فعل فيكون متعدياً تعدي ذلك الفعل.
ومثال ذلك وهو من أوضح الأمثلة قوله تعالي: (عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّه)(الانسان: ٦)، فالفعل يشرب ضمن معني يروي بها؛ لأنه ليس معقولاً أنهم يشربون بالعين، بل إنهم يشربون بالكاس، فبعضهم قال: إن معني (( بها)) أي: منها، وبعضهم قال: معني يشرب أي يروى بها، فيكون الفعل هنا مضمناً للشرب إعدالاً عن الشرب بلفظه ودالاً على المعنى وهو الري بمتعلقه وهو قوله( بها).
* * *
ومن هنا غلط من جعل بعض الحروف تقوم مقام بعض كما يقولون في قوله: (قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ)(صّ: ٢٤) أي مع نعاجه و(( مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّه)(آل عمران: ٥٢)أي مع الله ونحو ذلك والتحقيق ما قاله نحاة البصرة من التضمين فسؤال النعجة يتضمن جمعها وضمها إلي نعاجه.
الشرح


الصفحة التالية
Icon