وهذا يكون أحيانا يرد بعض الناس على بعض البدع ولكن يكون في طرفي نقيض مع الآخرين فيأتي هو أيضاً ببدعة، مثل ما ذهب إليه بعض الناس من أنه ينبغي في عاشوراء التوسعة على الأهل وإدخال الفرح والسرور، ليقابلوا بذلك الرافضة الذين يجعلون يوم عاشوراء يوم غم وحزن، وهذا خطأ ؛ لأن البدعة لا يجوز أن تقابل ببدعة ؛ بل يكفي في البدعة منعها، بأن توضح أن هذا غير مشروع، وأن كل بدعة ضلالة، وأما أن تحدث شيئا يقابلها فلا يمكن هذا، ولا ينفع ولا يذهب البدعة إلا السنة فقط.
***
والمقصود أن مثل هؤلاء اعتقدوا رأيا ثم حملوا ألفاظ القرآن عليه، وليس لهم سلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ولا من أئمة المسلمين، ولا في رأيهم ولا في تفسيرهم.
وما من تفسير من تفاسيرهم الباطلة إلا وبطلانه يظهر من وجوه كثيرة، وذلك من جهتين : تارة من العلم بفساد قولهم، وتارة من العلم بفساد ما فسروا به القرآن، إما دليلا على قولهم أو جوابا على المعارض لهم.
ومن هؤلاء من يكون حسن العبارة فصيحاً ويدس البدع، في كلامه ـ وأكثر الناس لا يعلمون ـ كصاحب الكشاف ونحوه، حتى إنه يروج على خلق كثير، ممن لا يعتقد الباطل من تفاسيرهم الباطلة ما شاء الله، وقد رأيت من العلماء المفسرين وغيرهم من يذكر في كتابه وكلامه من تفسيرهم ما يوافق أصولهم التي يعلم أو يعتقد فسادها ولا يهتدي لذلك.
الشرح
ذلك لأنهم كانوا أقوياء في الأساليب، فتجد ظاهر كلامهم أنه جيد وليس فيه شيء، لكنهم يدسون فيه السم، فهؤلاء الذين ينقلون من تفاسيرهم ما ينقلون وهم يعلمون فساد قولهم هؤلاء قد اغتروا بأساليبهم وألفاظهم ولم يهتدوا إلى ما كانوا عليه من الباطل، وقد سبق لنا أن بينا أن سبب ذلك أنهم كانوا يعتقدون رأياً ثم يستدلون لرأيهم، أو يستدلون بنصوص الكتاب والسنة على ما لا تدل عليه.
***