ومما يقارب هذا في بعض الوجوه ما يذكره كثير من المفسرين في مثل قوله: (الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ) (آل عمران: ١٧)، إن الصابرين رسول الله، والصادقين أبو بكر، والقانتين عمر، والمنفقين عثمان، والمستغفرين على،
الشرح
وهذا جهل أيضاً؛ لأن هذه الأوصاف يصح أن تنطبق على موصوف واحد، أما توزيعها فهذا غير صحيح، وأيضاً :(الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ) الذي يظهر أن القانت أفضل منهم. فكيف يكون الرسول ﷺ في مرتبة الصبر، وهذا في مرتبة الصدق، وهذا في مرتبة القنوت؟! فالرسول عليه الصلاة والسلام هو أفضل من اتصف بهذه الصفات، فهو أصبر الصابرين، وأصدق الصادقين من الخلق، وكذلك أفضل القانتين، وهو أجود المنفقين، حتى إنه يعطي عطاء من لا يخشي الفاقة (٧٤)، ويبيت طاويا عليه الصلاة والسلام (٧٥)، وأما استغفاره فناهيك به؛ كان يستغفر الله ويتوب في اليوم مائة مرة (٧٦)، وكان يقوم الليل حتى تتورم قدماه ويقول: (( أفلا أكون عبداً شكورا))(٧٧).
وفي مثل قوله: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ ) أبو بكر ( أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّار) عمر (ِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) عثمان ( تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً )(الفتح: ٢٩).
الشرح
وهذا التوزيع ليس بتفسير الرافضة لكنه تفسير قاصر بلا شك، يقول: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ ) لأن ابا بكر معه في الغار( إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا )(التوبة: ٤٠) وعمر، (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ لأن اشد الناس في دين الله عمر، وعثمان مشهور بالرحمة واللين والعطف، ( رُكَّعاً سُجَّداً ) وعلى بن أبي طالب رضي الله عنه من الراكعين الساجدين، لكن عثمان أيضاً شهر عنه أنه كان يقوم الليل، وأنه كثير القيام.


الصفحة التالية
Icon