هذا قال به بعض المفسرين، قالوا: (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ) هذه نزلت في أبي يكر، ولكن سبق لنا أن قولهم نزلت في كذا يعني أنه داخل في معناها، فيكون تفسيراً، وعلى هذا فمن قال إنها نزلت في أبى بكر، فمعناه أن أبا بكر - رضي الله عنه- يدخل في هذا الوصف (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ) ولا شك أن أول من يدخل فيها الرسول عليه الصلاة والسلام، فإنه جاء بالصدق وصدق به، فشهد لنفسه عليه الصلاة والسلام أنه رسول حقاً، وأنه عليه الصلاة والسلام مرسل إلى جميع الناس، وأمر أن يقول ذلك(قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) فجاء بالصدق وصدق به أيضاً.
* * *
وقوله :( لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ)(الحديد١٠) أريد بها أبو بكر وحده ونحو ذلك.
الشرح
والذي قال أريد بها أبو بكر مثلاً نقول: إن أراد على سبيل الحصر فخطأ، وإن أراد على سبيل المثال فصحيح. ولنا أن نقول: نزلت في أبي بكر يعني وفي أمثاله، ولكن إن أريد الحصر فهذا لا يجوز، وهذه قاعدة في التفسير؛ أنه لا يجوز أن يخصص العام ويحصر معناه إلا بدليل، فإن جاء الدليل مثل قوله: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ ) أن الناس المراد بهم أبو سفيان ( قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ ) وهذا كما قيل، وإلا فإن الواجب إبقاء العم على عمومه لأن حصره في واحد من أفراده قصور في التفسير، وكما نعلم جميعاً أن المفسر يجب أن يكون مطابقاً للمفسر، أما أن يخصص فهذا لا يجوز، كما أنه لا يجوز أن يعم أيضاً، فإذا جاء نص في شيء خاص لم يجز أن نجعله عاما اللهم إلا عن طريق القياس، إن كان مما يمكن فيه القياس.
* * *