هذا صحيح وما قاله الشيخ رحمه الله له أصل في القرآن، وأن المخالفين لذلك لهم شبه، وقد أشار الله إلى ذلك في قوله: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ )(آل عمران: ٧) لأن المبطل لو أتي بشيء لا شبهة فيه لم يقبل منه، فهو يأتي بأمور فيها اشتباه لكنه والعياذ بالله- زائغ لا يحمل هذا المتشبه على المحكم حتى يكون بينا، وإنما يجعل الشيء كله مشتبهاً، وكما قال الشيخ رحمه الله كل من خالف الصحابة والتابعين لهم بإحسان فله شبه يتعلل بها ويموه بها.
* * *
والمقصود هنا التنبيه على مثار الاختلاف في التفسير، وأن من أعظم أسبابه البدع الباطلة التي دعت أهلها إلى أن حرفوا الكلم عن مواضعه وفسروا كلام الله ورسوله ﷺ بغير ما أريد به وتأولوه على غير تأويله.
فمن أصول العلم بذلك أن يعلم الإنسان القول الذي خالفوه وأنه الحق. وأن يعرف أن تفسير السلف يخالف تفسيرهم، وأن يعرف أن تفسيرهم محدث مبتدع، ثم أن يعرف بالطرق المفصلة فساد تفسيرهم بما نصبه الله من الأدلة على بيان الحق.
وكذلك وقع من الذين صنفوا في شرح الحديث وتفسيره من المتأخرين من جنس ما وقع فيما صنفوه من شرح القرآن وتفسيره.
وأما الذين يخطئون في الدليل لا في المدلول فمثل كثير من الصوفية والوعاظ والفقهاء وغيرهم يفسرون القرآن بمعان صحيحة، لكن القرآن لا يدل عليها، مثل كثير مما ذكره أبو عبد الرحمن السلمي في حقائق التفسير. وإن كان فيما ذكروه ما هو معان باطلة فإن ذلك يدخل في القسم الأول وهو الخطأ في الدليل والمدلول جميعا، حيث يكون المعنى الذي قصدوه فاسداً.
* * *


الصفحة التالية
Icon