فلهذا قال فيه: لف دعواه حرملا، والهاء في دعواه للضم، والحرمل: نبت معروف له في الأدوية مدخل، أشار بذلك إلى ظهور وجه الضم مع الهمز، أي في طي الدعوى به ما يبين حسنه وجودة القراءة به، وذكر ابن جني في كتابه المحتسب قال: وروي عن ابن عامر "أنبئهم" بهمزة وكسر الهاء، قال ابن مجاهد: وهذا لا يجوز، قال ابن جنى طريقه أن هذه الهمزة ساكنة والساكن ليس بحاجز حصين عندهم فكأن لا همز هناك أصلا، ثم قرر ذلك بنحو مما تقدم والله أعلم قال:
١٦٧-
وَأَسْكِنْ "نَـ"ـصِيراً "فَـ"ـازَ وَاكْسِرْ لِغَيْرِهِمْ | وَصِلْهَا "جـ"ـوَاداً "دُ"ونَ "رَ"يْبٍ "لِـ"ـتُوصَلا |
ثم ذكر الذين وصلوا الهاء وهم أربعة: اثنان من أصحاب الضم والهمز، وهما ابن كثير وهشام، واثنان من أصحاب الكسر بلا همز، وهما الكسائي وورش، وصلاها بياء على أصلهما في صلة ما قبله متحرك وابن كثير وصلها بواو على أصله في صلة ما قبله ساكن وهشام وافقه وخالف أصله في ترك صلة ما قبله ساكن فقد وافق ابن كثير على مذهبه في الصلة راويان كل واحد منهما في حرف واحد أحدهما في صلة الضم بواو وهو هشام في هذا الحرف، والآخر في صلة الكسر بياء وهو حفص في: ﴿فِيهِ مُهَانًا﴾ ١.
وقد تقدم وأبو عمرو ضم من غير صلة على أصله، وقالون قصر الهاء، فكسرها من غير صلة على أصله في المواضع المجزومة كلها.
فالحاصل أن في كلمة أرجه ست قراءات؛ ثلاث لأصحاب الهمز لابن كثير وهشام وجه ولأبي عمرو وجه ولابن ذكوان وجه، وثلاث لمن لم يهمز لعاصم وحمزة وجه، وللكسائي وورش وجه ولقالون وجه، وقد جمعت هذه القراءات الست في بيت واحد في النصف الأول قراءات الهمز الثلاث وفي النصف لآخر قراءات من لم يهمز الثلاث فقلت:
وأرجئه مل والضم خر صله دع لنا | وأرجه ف نل صل جي رضي قصره بلا |
١ سورة الفرقان، آية: ٦٩.