١٩٣-

فَلِلْكُلِّ ذَا أَوْلى وَيَقْصُرُهُ الَّذِي يُسَهِّلُ عَنْ كُلِّ كَآلآنَ مُثِّلا
أي فهذا الوجه أولى لكل القراء أي إبدال همزة الوصل هنا ألفا أولى من تسهيلها بين بين كما ذكر بعضهم عن كل القراء أيضا؛ لأن همزة الوصل لا قدم لها في الثبوت فتسهل والقائل بالتسهيل لا يمد؛ لأن المسهلة بزنة المحققة فلم يجتمع ساكنان بدليل اتزان الشعر في نحو قوله:
أأن رأت رجلا أعشى أضر به١
سواء أنشدت الثانية محققة أو مسهلة بين بين مع أن بعدها نونا ساكنة. ويحتمل أن يقال بالمد على مذهب التسهيل تخريجا من الوجه المحكي في أول الباب على قراءة ورش وهذا في مد يكون فاصلا بين المسهلة والساكن بعدها أما المد الذي يفصل بين المحققة والمسهلة؛ لثقل اجتماعهما على ما سيأتي فلا جريان له هنا على مذهب التسهيل وقد بينه في البيت الآتي، وقوله: عن كل يتعلق بيسهل أو بيقصر، وقوله: كآلآن خبر مبتدأ محذوف أي وذلك كآلآن، ثم استأنف جملة خبرية بقوله: مثلا؛ أي حصل تمثيل ذلك بما ذكرناه ولو قال: بآلآن مثلا لكان المعنى ظاهرا، ولم يحتج إلى هذه التقديرات والله أعلم.
١٩٤-
وَلاَ مَدَّ بَيْنَ الْهَمْزَتَيْنِ هُنَا وَلا بِحَيْثُ ثَلاَثٌ يَتَّفِقْنَ تَنَزُّلا
هنا يعني في هذا الذي سهلت فيه همزة الوصل: أي من مذهبه المد بين اهمزتين على ما سيأتي لا يفعل ذلك هنا؛ لأن همزة الوصل لا قدم لها في الثقل؛ لأن ثبوتها عارض وحقها الحذف في الوصل وكذلك لا مد بين الهمزتين في كلمة اجتمع فيها ثلاث همزات وذلك لفظان:
"أَآمِنْتُمْ" في الأعراف وطه والشعراء.
﴿أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ﴾ ٢ في الزخرف.
فالهمزة الثالثة مبدلة ألفا بإجماع على ما تقدم بيانه وسيأتي أيضا في سورة الزخرف، والثانية مختلف في تحقيقها، وتسهيلها ولم يمد أحد بينهما وبين الأولى خوفا من ثقل الكلمة باجتماع همزتين بينهما همزة، وقيل: لئلا يجمعوا بين أربع ألفات، وليس في ذلك اللفظ أربع ألفات وإنما فيه همزتان وألفان نعم في الخط ألفان هما صورة الهمزتين، وقوله: بحيث ثلاث... ثلاث مرفوع بالابتداء ولا يجوز جرها بإضافة حيث إليها؛ لأن حيث إنما تضاف إلى الجمل لا إلى المفردات، وقد شذ ما لا قياس عليه و"يتفقن" صفة ثلاث والخبر محذوف أي مجتمعة وقد كثر حذف الخبر بعد حيث؛ لدلالة الكلام عليه ولا يكون يتفقن خبرا لئلا يبقى الابتداء بنكرة من غير وجود شرطها وإدخال الباء على حيث كإدخال من عليها في نحو:
﴿وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ﴾ ٣. ونصب تنزلا على التمييز: أي اتفق نزولهن والله أعلم.
١ بيت شعر الأعشى ميمون، وآخره:
ريب المنون ودهر مفند خبل
٢ الآية: ٥٨.
٣ سورة البقرة، آية: ١٤٩.


الصفحة التالية
Icon