فإن قيل الساقطة هي الأولى كان المد فيه من قبيل المنفصل، وإن قيل هي الثانية كان المد من قبيل المتصل، وقد نص مكي في كتاب التبصرة على قول أن الساقطة هي الأولى.
ثم إن القارئ لأبي عمرو إذا وقف على "جاء" فإنه يمد ويهمز فإن الحذف إنما يكون في الوصل؛ لأن الاجتماع إنما يحصل فيه.
ولم أر أن النحويين ذكروا لغة الإسقاط. ووجهها على ما نقله القراء أن من مذهب أبي عمرو الإدغام في المثلين ولم يمكن هنا لثقل الهمز غير مدغم فكيف به مشددا مدغما فعدل الإسقاط واكتفى به، وقوله: معا حال من ضمير التثنية الذي أضيف إليه الاتفاق؛ لأنه بمنزلة قولك: اتفقا معا، ولا فائدة لقوله معا في هذا الموضع إلا مجرد التوكيد، كما لو قال: كليهما، وفي غير هذا الموضع معا يذكر لفائدة سننبه عليها في الباب الآتي، والهاء في اتفاقهما عائدة١ على الهمزتين في قوله في أول الباب السابق: وتسهيل أخرى همزتين، ثم مثل صورة الاتفاق فقال:
٢٠٣-
كَجَا أَمْرُنَا مِنَ السَّماَ إِنَّ أَوْلِيَا | أُولئِكَ أَنْوَاعُ اتِّفَاقٍ تَجَمَّلا |
والمضمومتين بقوله في الأحقاف: ﴿أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ﴾ ٣.
وليس في القرآن العزيز غيره، ولفظ بالأمثلة الثلاثة على لفظ قراءة أبي عمرو فالهمزة المسموعة في جاء أمرنا هي أول أمرنا ومثله: ﴿ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ﴾ ٤.
الهمزة أول "أنشره"؛ لأنها همزة قطع فإن اتفق بعد ما آخره همزة همزة وصل حذفت فتبقى الهمزة المسموعة هي آخر الكلمة الأولى لجميع القراء: ﴿فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ﴾ ٥، ﴿فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ﴾ ٦.
الهمزة آخر شاء وآخر الماء.
وقوله: أنواع خبر مبتدأ محذوف؛ أي هي أنواع اتفاق تجمل أي تزين.
ثم بين مذهب قالون والبزي فقال:
٢٠٤-
وَقَالُونُ وَالْبَزِّيُّ في الْفَتْحِ وَافَقَا | وَفي غَيْرِهِ كَـ "الْيا" وَكَالْوَاوِ سَهَّلا |
٢ سورة هود، آية: ٤٠.
٣ الآية: ٣٢.
٤ سورة عبس، آية: ٣٢.
٥ سورة المزمل، آية: ١٩.
٦ سورة الحج، آية: ٥.