تقدم ما سكونه علامة للجزم وما سكونه علامة للبناء في مثال الأمر، وما همزه أخف من إبداله، وما ترك همزه يلبسه بغيره وما يخرجه الإبدال من لغة إلى أخرى وقد اتضح ذلك ولله الحمد.
وحكى ابن الفحام في التجريد أن منهم من زاد على هذا المستثنى، ومنهم من نقص، ومنهم من لم يستثن شيئا.
٢٢١-
وَبَارِئِكُمْ بِالهَمْزِ حَالَ سُكُونِهِ | وَقَالَ ابْنَ غَلْبُونٍ بِيَاءٍ تَبَدَّلا |
ولم يذكر صاحب التيسير بارئكم في المستثنى ولا نبه عليها في سورتها أنها تبدل، وذكر فيها مكي الوجهين الهمزة والإبدال واختار ترك الإبدال، ووجهه أن سكونها عارض للتخفيف فكأنها محركة فاستثناؤه أولى من المجزوم والذي سكونه لازم لأمر موجب له.
قال مكي في كتاب التبصرة: اختلف المعقبون فيما أسكنه أبو عمرو استخفافا نحو بارئكم في رواية الرقيين عنه فمن القراء من يبدل منها ياء ويجريها مجرى ما سكونه لازم، ومنهم من يحققها؛ لأن سكونها عارض ولأنها قد تغيرت فلا نغيرها مرة أخرى قياسا على ما سكونه علم للجزم، وهو أحسن وأقيس؛ لأن سكونها ليس بلازم.
وقال أبو الحسن طاهر بن غلبون في كتاب التذكرة: وكذا أيضا هو يعني السوسي بترك الهمزة من قوله تعالى: "بارئكم" في الموضعين في البقرة فيبدلها ياء ساكنة؛ لأنه يسكنها في هذه الرواية تخفيفا من أجل توالي الحركات، فلذلك تركها كما يترك همزة: "وإن أسأتم" ويبدلها ياء ساكنة كما يبدل همز الذئب وما أشبهه.
قلت: والإبدال عندي أوجه من القراءة بهمزة ساكنة، وإليه مال محمد بن شريح في كتاب التذكير. والضمير في قوله: تبدلا للهمز ومما يقوي وجه البدل التزام أكثر القراء والعرب إبدال همزة البرية فأجرى ما هو مشتق من ذلك مجراه والله أعلم.
٢٢٢-
وَوَالاَهُ في بِئْرٍ وَفي بِئْسَ وَرْشُهُمْ | وَفي الذِّئْبِ وَرْشٌ وَالكِسَائِي فَأَبْدَلا |
فأما الذي في الأعراف: ﴿بِعَذَابٍ بَئِيسٍ﴾ ١، فنافع بكماله يقرؤه كذلك بالياء من غير همز، وهو غير هذا.
١ آية: ١٦٥.