الباقين ففيها كلام، وكنى بكاسيه عن قارئه؛ لأنه كساه تنوينا فظلله بذلك أي ستره عن اعتراض معترض تعرض للقراءة الأخرى، وإن كان لا يؤثر اعتراضه والحمد لله.
وهذا الحرف في سورة النجم: ﴿وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى﴾ ١.
٢٣١-
وَأَدْغَمَ بَاقِيهِمْ وَبِالنَّقْلِ وَصْلُهُمْ | وَبَدْؤُهُمْ وَالْبَدْءُ بِالأَصْلِ فُضِّلا |
وحكى أبو عمرو بن العلاء إدغام مثل ذلك في قولهم: رأيت زيادا لَعجم، في: "زيادا الأعجم" ووجه الاعتراض على هذه القراءة أن تحريك اللام عارض، فكأنها تعد ساكنة، ولا يصح في الساكن إدغام وجواب هذا أن الممتنع هو ما يدغم في ساكن حقيقي أما ما هو ساكن تقديراً فلا وليس كل عارض لا يعتد به ولا ذلك بمجمع عليه وقد تقدم له نظائر، فمن أدغم كان معتدا بالحركة كما يعتد بها من لغته لَحْمر، إذا ابتدأ بكلمة الأحمر بعد نقل الحركة على ما سيأتي، والهاء في وصلهم وبدؤهم تعود على مدلول باقيهم وجمع الضمير والباقي اثنان إما على مذهب من يرى أن أقل الجمع اثنان وإما باعتبار رواتهما أي أن النقل إلى اللام ثابت وصلا وبدأً ويعني بالوصل وصل الأولى بـ "عادا"، فالنقل لهما فيه لازم؛ لأجل أنهما أدغما التنوين فيها فإن وقفا على "عادًا" ابتدأ الأولى بالنقل أيضا؛ ليبقى اللفظ حاكيا بحالة الوصل وفي كيفيته وجهان يأتيان؛ فأما ورش فيتعين النقل له على أصله في النقل إلى لام التعريف، وأما قالون وأبو عمرو فالأولى لهما أن يبتدئا بالأصل كما يقرأ الكوفيون وابن كثير وابن عامر؛ لأنهما ليس من أصلهما النقل وما نقلا هنا إلا لأجل الإدغام؛ لتخفيف الكلمة وقد زال الإدغام بالوقف فيرجع إلى الأصل وهو لأبي عمرو أولى منه لقالون؛ لأن قالون في الجملة قد نقل الحركة في "آلآن" في موضعي يونس، ونقل أيضا في ردءا كما سيأتي.
ثم ذكر من فضل له البدء بالأصل، والبدء مصدر بدأ، فقال:
٢٣٢-
لِقَالُونَ وَالْبَصْرِي وَتُهْمَزُ وَاوُهُ | لِقَالُونَ حَالَ النَّقْلِ بَدْءًا وَمَوْصِلا |
أحب المؤقدين إليَّ موسى
وهذا توجيه أبي علي في الحجة، وقيل: الأصل في الواو الهمز، وأبدل لسكونه بعد همز مضموم واوًا كأولى فلما حذفت الهمزة الأولى بعد نقل حركتها إلى لام الأولى زال اجتماع الهمزتين فرجعت تلك الهمزة، ذكر ذلك مكي وغيره، والله أعلم.
١ الآية: ٥٠.